حكم من أخر قضاء ما عليه من رمضان حتى دخل رمضان التالي
ما حكم من أفطر في رمضان يومين حتى أتاه شهر رمضان القادم؟
إن من أفطر في رمضان يجب عليه أن يقضي قبل رمضان الآخر، وما بين الرمضانين فهو محل سعة من ربنا سبحانه وتعالى، إذا قضى في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة أو في المحرم أو ما بعد ذلك.. إلى شعبان، فعليه أن يقضي ما أفطره لمرض أو سفر أو نحو ذلك قبل رمضان، فإن أخره إلى رمضان آخر لم يسقط القضاء بل يجب عليه القضاء ولكن يلزمه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم زيادة مع القضاء، أفتى به جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيقضي ويطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد كيلو ونصف من قوت البلد من تمر أو أرز أو غير ذلك، أما إن صام ذلك قبل رمضان القادم فإنه يقضي ولا إطعام عليه.([1])
تأخير البدء في الصيام
هل يجوز أن أبدأ صومي في اليوم الرابع من رمضان؟
صوم رمضان واجب على كل مسلم، بالغ، عاقل، مقيم، قادر على الصوم، ومن كان كذلك فإنه يحرم عليه الفطر بغير عذر؛ لما في ذلك من المخالفة الصريحة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وانتهاك حرمة هذا الشهر العظيم، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: ۱۸۳، وقال: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة: ۱۸۰، فيلزم الصوم إذا ثبت دخول شهر رمضان، برؤية الهلال، أو بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوما، وقال النبي الله صلى الله عليه وسلم: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان”.([2])
فإن كان سؤالك عن تأخير الصوم إلى اليوم الرابع بغير عذر، فقد علمت أن هذا أمر محرم لا يجوز الإقدام عليه، بل هو من كبائر الذنوب، وإن كان تأخير الصوم لعذر، كمرض أو سفر، فلا حرج عليك في ذلك، ويجب عليك الصوم بمجرد انتهاء عذرك سواء كان ذلك في اليوم الرابع، أو غيره، مع قضاء الأيام التي أفطرتها؛ لقول الله تعالى:( وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة: 185، أي: إذا أفطر المريض أو المسافر، فالواجب عليه إذا انتهى رمضان أن يقضي عدد الأيام التي أفطرها.
حكم التعامل مع المسلم الذي لا يصوم
ما كيفية التعامل مع المسلمين الذين لا يصومون رمضان؟ وما أفضل طريقة لدعوتهم إلى الصيام؟
الواجب هو دعوة هؤلاء المسلمين إلى الصوم، وترغيبهم فيه، وتحذيرهم من التهاون والتفريط، وذلك باتباع الوسائل التالية:
1- إعلامهم بفرضية الصوم، وعظم مكانته في الإسلام، فهو أحد المباني العظيمة التي بني عليها الإسلام.
2- تذكيرهم بالأجر العظيم المترتب على الصوم، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: “من صَام رمضان إيِمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِر له ما تَقدَّم من ذَنْبِه”([3])
وقوله صلى الله عليه وسلم: “مَن آمَنَ باللَّهِ ورَسولِهِ، وأَقامَ الصَّلاةَ، وصامَ رَمَضانَ، كانَ حَقًّا علَى اللَّهِ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ”([4])، وقوله صلى الله عليه وسلم: “يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ”([5])
3- ترهيبهم من ترك الصوم، وبيان أن ذلك من كبائر الذنوب.
4- بيان يسر الصوم وسهولته، وما فيه من الفرح والسرور والرضا، وطمأنينة
النفس، وراحة القلب، مع لذة التعبد في أيامه ولياليه، بقراءة القرآن، وقيام الليل.
5- دعوتهم لسماع بعض المحاضرات، وقراءة شيء من النشرات، التي تتحدث عن الصوم وأهميته، وحال المسلم فيه.
وختاما لا تمل من دعوتهم وتذكيرهم، بالقول اللين، والكلمة الطيبة، مع الدعاء الصادق لهم بالهداية والمغفرة، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد. والله أعلم.
أنا نصرانية ولكنني أريد أن أصوم رمضان
أنا نصرانية، ولكني لا أؤمن بديني، آمنت بالله وبرسوله، وأريد أن أصوم رمضان، ولكنني لا زلت نصرانية، فهل يمكن أن أصوم رمضان؟ لا أعلم كيف أصبح مسلمة، أشعر بهذا في قلبي، ولكنني أظن بأن هذا ليس كافياً.
بداية نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك للإسلام، أيتها العاقلة، إن جميع العبادات لا يقبلها الله تعالى إلا إذا كانت مبنية على اعتقاد صحيح، ودین سلیم.
إن الأهم لكِ – ولا شيء أهم منه على الإطلاق هو أن تبدئي بالخطوة الصحيحة؛ ألا وهي الدخول في الإسلام، وبعد ذلك تقومين بالصلاة والصيام، وتقرئين القرآن، وتؤدين سائر العبادات، فيحيا بها قلبك، وينشرح صدرك.
إن دخولك في الإسلام ليس بالأمر العسير، لا يحتاج منك إلا إلى النطق بالشهادتين : «أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله».
إن وجود هذا الشعور الطيب بقلبك، ومحبتك الدخول في الإسلام: لَمِنْ علامة الخير، فعليك أن تتخذي الخطوة الأخيرة في ذلك بالقرار الحاسم الذي يترتب عليه سعادتك في الدنيا والآخرة.
فعليك بالسعي فيما يكون سبباً في نجاتك، ولا تتأخري، ولا تنتظري؛ فإن قطار العمر يسير، ولا يدري المرء متى يتوقف به هذا القطار، وهو لا يتوقف به إلا على أول مراحل الآخرة، فهنالك لا ينفع الندم، يتمنى الإنسان لو رجع إلى هذه الحياة الدنيا ليؤمن ويعمل صالحا، وقد قال ربنا تعالى في كتابه المجيد: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) المؤمنون: ۹۹-100، وقال أيضا: (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الأنعام:27، وقال تعالى:(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ* وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) فاطر:36-37، نسأل الله تعالى أن يلهمكِ رشدكِ، ويوفقكِ لما فيه خير الدنيا والآخرة. والله أعلم.
(*) بتصرف من موقع “الإسلام سؤال وجواب”
[1] – من فتاوى “نور على الدرب” للشيخ عبد الله بن باز رحمه الله.
[2] – رواه البخاري (8)، ومسلم (16)
[3] – رواه البخاري (۳۸)، ومسلم (760).
[4] – رواه البخاري (7423).
[5] – رواه البخاري (7492)، ومسلم (1151).