ما حصل في ديوان الخدمة المدنية الأسبوع الماضي دليل على وجود خلل كبير في الأسس، التي يقوم عليها المجتمع الكويتي الصغير، ومؤشر واضح على حجم الخطر الذي يحيط بأواصره وروابطه، بل دليل على هشاشة هذه الروابط، إذ لا يعقَل أن تتم عملية تنصيب القياديين على قاعدة كويتي أصيل وكويتي لفو..!
بالأمس فرقنا بين الكويتي والأجنبي في بعض الحقوق والواجبات، وبعد ذلك فرقنا بين الكويتي و”البدون”، واليوم نفرق بين الكويتي والكويتي؟! ألم نميّز بين الكويتيين داخل السور ومن كانوا خارج السور؟ ألم نميّز بين الكويتيين أهل المناطق الداخلية وأهل المناطق الخارجية؟ ألم تكن هذه النظرة الفئوية الضيقة منتشرة عند بعضنا وما زالت؟
أذكر جيداً وهذا للتاريخ أن اجتماعاً في الثمانينيات من القرن الماضي تم في إحدى مناطق الكويت للتمييز بين أهل شرق وأهل جبلة! ولولا العقلاء في ذلك الوقت لكانت النتائج المروعة، ومن يدري فقد تتجذر هذه الدعوات الغريبة لتكون واقعاً محرقاً يكتوي بلظاه الجميع.
أذكر أننا في التسعينيات من القرن الماضي، وحرصاً على وحدة المجتمع وتكاتفه وترابط أبنائه، ألغينا التمايز في حق الانتخاب بين أبناء الشعب، فأعطينا لأبناء المتجنسين حق الانتخاب، واليوم يأتي من يريد إرجاعنا إلى المربع الأول.
يقول البعض: إن الكويتي بالتأسيس ولاؤه للكويت، بينما الكويتي بالتجنس يحتاج إلى فترة اختبار لولائه، وأقول: إن معظم جرائم السرقات المليونية أبطالها من عيال بطنها، وإن من كان يفترض فيهم الولاء للديرة، هُم أول من نهب خزينتها وتطاول على الأموال العامة!
إذاً الموضوع لم يكن في يوم من الأيام مرتبطاً بالولاء، كم من أجنبي عاش في هذا البلد وأكل من خيره يشعر بحبه له وولائه لأرضه، وكم من كويتي تأسس وترعرع في سكينه يتحين الفرصة للانقضاض على خيراته ولو على حساب بقية الشعب.
الكويت اليوم في أمسّ الحاجة إلى تكاتف أبنائها، وأي محاولة للتمييز بينهم تزيد من تفتت المجتمع الصغير وتضعف كيان الدولة.
فارحموا ديرتكم يا أبناء الديرة.
«قال صفوا صفين، قال كلنا اثنين».
***
إذا استمرت الأمور تمشي بهذه الطريقة في الكويت، فسيأتي يوم يطالب فيه الرجال بمساواتهم بالنساء في الحقوق والواجبات.
__________________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.