في صحف القاهرة وأجهزة دعايتها لا تعثر على إشارة للسد الإثيوبي الذي أقامته أديس أبابا للتحكم في مياه النيل، ومنعها عمن تشاء، وفي المقدمة مصر، بعد أن وقع حاكمها اتفاقاً غامضاً لا أثر فيه لتعهد الطرف الإثيوبي بالتزام قانوني!
مقال يتيم نشرته “الأهرام” اليوم، يتحدث فيه كاتبه أسامة سرايا عن طرح أزمة السد أخيراً في قمة جدة الأمريكية، وقمة برلين الأوروبية، ويعد هذا انتصاراً للدبلوماسية المصرية، ولكن هذا الانتصار لا نتائج ملموسة له على الأرض! ويعترف الكاتب بأن إثيوبيا تستخدم موضوع النيل للحشد الداخلي لتأييد الحكومة!
وكان وزير الري المصري الأسبق محمد نصر علام قد قال، قبل أيام، في منشور على حسابه بـ”فيس بوك”: “المكيدة بمصر وحصتها المائية ومكانتها وشعبها ودورها هدف إستراتيجي مستمر على مدى العديد من العصور، وذلك بواسطة العديد من الدول والقوى الإقليمية والدولية وبدون هوادة، الكل ينتظر أي سقطة أو هفوة مصرية لتنفيذ هذا المخطط وتحقيق أهدافه وأهمها تقزيم دور مصر الإقليمي والدولي، لما يمثله من عائق رئيس أمام العديد من القوى الإقليمية والدولية للتحكم في المنطقة وتغيير توازناتها وتوجهاتها.. هذه الحقيقة يعلمها الجميع في مصر (نظاماً وشعباً) وخارج مصر من دول الجوار أو القوى الإقليمية، ويتبلور التآمر حالياً في شكل السد الإثيوبي والضرب بالحائط لكل المحاولات المصرية والعربية والدولية المناوئة، وذلك في إطار متفق عليه، وواضح للعيان، وإثيوبيا عادة ما تمثل رأس الحربة للمكيدة بمصر وشعبها لاعتبارات متعددة دينية وعرقية وسياسية”.
وزير ري أسبق يطلب الدفاع عن النيل والتضحية من أجله في هذا الجيل لأن الثمن سيكون فادحاً بالنسبة للأجيال القادمة!
وأضاف علام: “لن يفيد التحدث عن التآمر الإقليمي ودور الأشقاء وخلافه، فكل شيء معروف للقاصي والداني، ولدينا درس العراق وسورية ونهرا دجلة والفرات، والكل صامت والشعوب هي التي تدفع الثمن، والبعض لا يرى ولا حتى يحاول وخاصة القوى الدولية والإقليمية وعلى رأسها أمريكا”.
وخلص قائلاً: “دفع الثمن الآن من رصيد هذا الجيل أفضل كثيراً من استنزاف أجيال وأجيال قادمة، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وعلى الله سواء السبيل”.
وعقب أغلب المتابعين بأن الأمر منته، والكلام أو الدبلوماسية لا قيمة لها، وأن الوزير يؤذن في مالطا، وأن من يعنيهم الأمر تناسوا الموضوع، ولا توجد إلا قلة تذكّر به وتتحسّر عليه! وذكر المتابعون أن الإعلام يهتم بأخبار الفنانات ولاعبي الكرة ووصف حوادث المرور، ولا تعنيه قضايا مصر الحيوية وفي مقدمتها مياه النيل!
وكان د. ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري المصري السابق، قد أكد في وقت سابق أنه بعد عام 2040م ستعاني البلاد من نقص شديد في كمية الأمطار، ما سيؤدي إلى نقص في مياه نهر النيل.
وفي تصريح لقناة “صدى البلد”، قال القوصي: إن “هطول المطر على الهضبة الإثيوبية يشكل 85% من إيراد نهر النيل”، وأشار إلى أن “ارتفاع منسوب سطح البحر يفرض احتمالية أن تغمر أجزاء من الدلتا المنخفضة المياه، وهنا قد تتملح تربة الأراضي الزراعية ولا بد أن يكون هناك موارد بديلة وأراض للناس التي تسكن هذه المناطق للانتقال إليها.
وفي العام الماضي، نفي محمد عبدالعاطي، وزير الري الحالي، تصريحات نسبت إليه عن انهيار السد الإثيوبي، وفي تصريح لقناة “النهار”، أوضح: “قلت: لو فيه احتمال انهيار واحد في المليون، ده بالنسبة لنا احتمال كبير، لا نهمله”، وكان أحد الخبراء قد أوحى بأن احتمالات انهيار السد واردة وتشكل خطراً على السودان ومصر!
لقد أوشك الملء الثالث للسد الإثيوبي على الانتهاء، والحكومة المصرية ما زالت تستجدي دول العالم التوسط لحل الأزمة بعد أن قدمت كثيراً من التنازلات فضلاً عن اللغة الرقيقة الودود التي تقابل لغة الغطرسة والاستهانة الإثيوبية!