في الوقت الذي كانت فيه عيون الاستخبارات الصهيونية وتركيزها يتجه شمالي الضفة الغربية المحتلة وتحديداً على «عرين الأسود» في نابلس، و«كتيبة جنين» في مخيم جنين، كانت «كتيبة عقبة جبر» في مخيم عقبة جبر جنوبي غرب أريحا تعلن عن نفسها من خلال عملية فدائية هناك هزت أركان الدولة العبرية.
قلق دولة الاحتلال من خلية «عقبة جبر» كان لأن هذه الخلية هي الأولى التي يتم تشيكها منذ 35 عاماً هناك بعد خلية حرق الحافلة الصهيونية في منطقة عين السلطان في أريحا التي وقعت تحديداً في 31 أكتوبر 1988، وأدت إلى مقتل عدد كبير من جنود الاحتلال.
35 سنة عجاف عاشتها أريحا ومخيم عقبة جبر لم يتم خلالها تنفيذ عملية فدائية تذكر باستثناء المشاركة في بعض المواجهات في مناسبات مختلفة هناك، تخللت هذه السنوات انتفاضة الحجارة، واتفاق أوسلو، ودخول السلطة الفلسطينية، وانتفاضة الأقصى، ثم انتفاضة القدس عام 2015، وصولاً إلى ما تشهده مدن الضفة والقدس من عمليات.
جيل جديد
وعزا أستاذ العلوم السياسية من أريحا د. عبدالناصر مكي هذا السكون خلال تلك السنوات إلى حالة الإحباط التي عاشها الشباب الفلسطيني خلال تلك الحقب، لا سيما بعد فشل عملية التسوية، إلى أن وُلد جيل جديد أخذ زمام المبادرة وقاد هذه العمليات.
وقال مكي لـ«المجتمع»: أريحا كانت تعتبر مدينة وادعة ومسالمة؛ لأنها منطقة حدودية سياحية تعداد سكانها قليل، فهذه أمور تحد من وقوع عمليات ضد الاحتلال، لكن هذا لا يعني أن الروح الوطنية مفقودة لدى شبابها.
واعتبر أن مواقع التواصل الاجتماعي كسرت السلبية التي كان يعيشها شبابها على مدار هذه السنوات ومشاركته في الانتفاضة كبقية المدن الفلسطينية قائلاً: كل هاتف محمول يحمله الشاب هو عبارة عن خلية معلومات.
وأضاف: تحرُّك هذا الجيل الجديد الذي وُلد من رحم المعاناة من الممكن أن يفاجئ الجميع، ولكن في الوقت الحاضر أي شاب موجود عبارة عن فلسطيني له إحساس تولد نتيجة الإحباطات المتكررة.
واستعرض مكي الإخفاقات التي حصلت خلال تلك الحقب الزمنية التي تمثلت في فشل عملية التسوية والإخفاقات خلال انتفاضة الأقصى، وعدم إجراء انتخابات، والانقسام، والإحباط من ناحية «السلطة»، والإضرابات في معظم النقابات، والإحباط في الشارع الفلسطيني، وزيادة عدد العاطلين عن العمل من الخريجين لأكثر من 50 ألف خريج، إضافة إلى العدوان الصهيوني المتواصل.
وقال: أدرك الفلسطينيون بعد كل هذه الحقب أن «الإسرائيليين» ليسوا معنيين بالسلام، إنما هم معنيون بالأرض؛ وبالتالي حدث تطور وتغير دراماتيكي في تفكير الشباب، وأخذوا بزمام المبادرة من خلال هذه العمليات.
واعتبر أن البعد الإقليمي الذي يضغط على الشعب الفلسطيني، والتطبيع، أثَّر على منظومة التفكير لدى الشاب الفلسطيني الذي بدا يوقن أن الاحتلال هو سبب المأساة.
وأضاف: الشباب الفلسطيني يحاول إدارة الأزمة وقيادة العمل المقاوم من خلال عمليات إطلاق النار أو الطعن.
وتابع مكي: مخيم عقبة جبر كبقية المخيمات كان يجب أن يكون له دور في هذا النضال.
نواة واعية
وشدد مكي على أن بالمخيم نواة وطنية وإسلامية جيدة، ويوجد به شباب متعلمون ومثقفون سبقوا الآخرين في المقاومة مع الأخذ بالاعتبار خصوصية الوعي الموجود لديهم.
من جهتها، أكدت «كتيبة عقبة جبر»، في بيان لها، أنها تتعامل مع المحتل بتكتيك مختلف، فقد أخفت قادتها وجندها.
وقال البيان: معلومات الاحتلال عن الكتيبة انقطعت، ولا يعلم الاحتلال ولا معاونوه أي معلومة عن الكتيبة.
وطالبت النشطاء بعدم تداول أي صورة لأي مجاهد على وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى على الوسائل الخاصة وعدم تصوير المجاهدين.
واعتبرت أن كاميرات المراقبة المنتشرة في المخيم وخارجه أصبحت مصدر خطر على المجاهدين.
وقالت الكتيبة مخاطبة النشطاء: أنتم لا تعلمون ما نعلم من وسائل الاحتلال لاختراق هذه الكاميرات ومتابعة تحركات المجاهدين دون جهد.