مع اشتداد عود المقاومة في الأراضي الفلسطينية، تزداد أعداد المطالبين بتلقي الدعم النفسي من بين الصهاينة، لتشهد زيادة مطردة بنسبة 340% بعد التوتر الأخير في قطاع غزة، الذي جاء على خلفية مخاوف من إطلاق قذائف وصواريخ المقاومة تجاه الداخل الصهيوني.
وأوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن جمعية «نتال» الصهيونية للدعم النفسي تلقت زيادة بنسبة 340% في عدد المكالمات لخطوط أو طلبات المساعدة التابعة للجمعية، خلال العملية العسكرية الصهيونية على غزة «الدرع والسهم»، في ارتفاع قياسي لتلك الطلبات.
جمعية «نتال» الصهيونية تلقت زيادة للحصول على الدعم النفسي بنسبة 340% بعد العدوان الأخير على غزة
«تل أبيب».. نصيب الأسد
الجمعية الصهيونية المعروفة بتقديم الدعم والمساعدة النفسية لـ«ضحايا الإرهاب والحرب في إسرائيل» قدمت تقريرها السنوي للرئيس يتسحاق هرتزوغ، الذي تضمن تلك النسبة؛ على خلفية التخوف من صواريخ وقذائف المقاومة المستمرة على الداخل الصهيوني خاصة مستوطنات غلاف غزة، وكذلك على مدن الوسط، وإن كان نصيب الأسد لمدينة «تل أبيب»، بعدما أفاد التقرير بأن 42% من نسبة طلبات الدعم كان لمدينة «تل أبيب» وحدها، رغم أن مستوطنات الغلاف نالت نسبة 30%؛ ويرجع السبب في ذلك لاعتيادهم على توالي موجات المقاومة الفلسطينية فوق رؤوسهم!
التقرير الذي تم تسليمه في 23 مايو الماضي، سبقه أخبار مفادها ارتفاع قياسي طرأ في نسبة تلقي الدعم النفسي من بين الصهاينة، حيث كانت تلك النسبة 290%، لترتفع إلى 340%؛ ما يعني تسجيل ارتفاع ملحوظ في تلك النسب، خاصة وأن بعض وسائل الإعلام العبرية ذكرت أن آلاف المنازل قد تم إخلاؤها في مستوطنات غزة؛ تخوفًا من التصعيد بعد الهجمات المتبادلة بين الجيش الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية في عملية «الدرع والسهم».
مستوطن صهيوني ما يزال يعيش كوابيس حرب أكتوبر 1973 وتزداد كلما سقطت صواريخ المقاومة الفلسطينية
تأثير الحرب على المستوطنين
الغريب أنه مع كل عملية عسكرية، تزداد حالات الدعم المادي لمستوطنات الغلاف، ويستغل رؤساء تلك المحليات والمستوطنات استمرار التصعيد في طلب المزيد من الدعم المادي والعسكري، ونصب كاميرات مراقبة على الجدار الفاصل مع غزة، ومحاولة تحصين مستعمراتهم، أو استخدام آليات جديدة للدفاع عنهم، ولكن في كل عملية عسكرية على القطاع، ترتفع طلبات الدعم النفسي والمعنوي من بين هؤلاء الصهاينة، وتزداد معه حالات الهجرة العكسية إلى مدن الشمال والوسط، بل نشهد حالات لهجرة معاكسة إلى خارج الكيان.
الثابت أن هرتزوغ نفسه اعترف بأن الارتفاع الكبير في حالات طلب الدعم النفسي لم يصبح أمراً مخجلاً، باعتبارها مشاعر معروفة مسبقًا، وبأن السنوات الماضية شهدت حالة من النضوج الفكري بأهمية الصحة النفسية سواء كأفراد أو مجتمعات في بلاده، زادت بدورها ميزانية الصحة النفسية للعامين المقبلين في الكيان الصهيوني.
لم يتوقف الاعتراف عند هذا الحد، بل أكد مستوطن صهيوني أنه ما يزال يعيش كوابيس يوم كيبور (حرب أكتوبر 1973) حتى الآن، وتزداد هذه الكوابيس، كلما سقطت قذائف وشظايا صواريخ المقاومة الفلسطينية؛ ليطلب دومًا الدعم النفسي من جمعية «نتال»، وكأنه أضحى «زبونًا» لديها، ليتأكد تواصل حالة «اضطراب ما بعد الصدمة»، وحالته كمريض تزداد سوءًا، وهو غيض من فيض.
جمعيات تلقي طلبات الدعم النفسي زاد عددها مع الحرب الصهيونية الثانية على لبنان عام 2006م
قرارات تعطيل المدارس والجامعات في مستوطنات الجنوب وعلى مسافة عشرات الكيلومترات من غزة أضحت من المسلَّمات بالنسبة للمستعمرين خلال أي عملية عسكرية صهيونية على القطاع، فضلاً عن البقاء لأيام متواصلة داخل المخابئ والملاجئ وحظر التجمعات، وحالات الإجلاء لآلاف المستوطنين ومحاولة تسكينهم في فنادق بمنطقة البحر الميت أو إيلات، بالتوازي مع بقاء جزء كبير من الصهاينة داخل منازلهم لخوفهم من الخروج والتعرض للموت؛ باتت كلها أمور ثابتة للدلالة على الهوس والخوف الذي يعتري المستوطن من المقاومة الفلسطينية، خاصة وأن تلك الزيادة تظهر مع كل عملية فدائية في «تل أبيب» أو القدس المحتلة، وتتلقى تلك الجمعيات آلاف الاتصالات الهاتفية المعبرة عن قلق دفين من القتل نتيجة سقوط صاروخ فلسطيني بما يزيد ثمنه على 150 دولاراً فقط، رغم وجود 3 نظم دفاعية في الكيان الصهيوني، يقدر الصاروخ الواحد منها بحوالي 100 ألف دولار.
جمعيات تلقي طلبات الدعم النفسي زاد عددها مع الحرب الصهيونية الثانية على لبنان، في العام 2006، حينما قُتل المئات من الصهاينة، ما بين عسكري ومدني، عكفت بعدها «تل أبيب» على استخلاص الدروس والعبر، أهمها إنشاء ما يسمى بـ«راحال» أو الجبهة الداخلية، وتدشين ملاجئ ومخابئ جديدة ومحصنة تستوعب الآلاف، والعمل على تقليص معدلات الهجرة العكسية التي طرأت أثناء وبعيد الحرب مباشرة.
الغريب أن الصحيفة العبرية «يديعوت أحرونوت» في طيات تقريرها تعترف بأنه رغم مرور 75 عامًا على إنشاء الكيان الصهيوني، فإن المقاومة الفلسطينية ما تزال مشتعلة وتزداد قوة وشراسة، في ظل تزايد حالات الطلب النفسي وتلقي طلبات الدعم المعنوي من المستعمرين جراء سقوط شظايا صواريخ المقاومة فوق رؤوسهم.