بافتراض صحة الخبر، فقد تقدم عدد من أعضاء مجلس الأمة بمقترح قانون يقضي باسترداد الفوائد غير القانونية من البنوك والشركات الاستثمارية المتحصلة من العملاء منذ عام 1992م!
ومع الاحترام للنواب مقدمي المقترح، ولكن كان من الأجدر ابتداءً عرض المقترح على المختصين من أهل القانون لإبداء الرأي قبل تقديمه؟
مهما كان نبل المقترح سعياً للتخفيف على المواطنين أو من أجل مراعاة الاعتبارات الشرعية المتعلقة بالفوائد، فإنه يتطلب مع ذلك أن يكون مقترح القانون سليماً دستورياً وقانونياً، وبالاطلاع على المقترح المقدم، نجد أنه يحمل شبهة مخالفة نصوص مواد الدستور (8)، و(16)، و(20)، مخالفاً بذلك مبادئ دستورية مثل تكافؤ الفرص، وتحقيق العدالة، وعدم الإضرار بالملكية ورأس المال.
القانون المقترح من النواب يخل أيضاً بمبدأ استقرار المراكز القانونية، فالمقترح يراد تطبيقه منذ عام 1992م؛ أي منذ ما يقرب 30 سنة، وخلال هذه الفترة استقرت مراكز قانونية عدة لا مجال للإخلال بها، فعلى سبيل المثال؛ سقطت بعض تلك التعاملات بالتقادم أو صدرت أحكام قضائية نهائية لا مجال للرجوع عنها بشأن ذات المواضيع بين أطراف التعامل.
المقترح المقدم من النواب يخل بمراكز قانونية مستقرة انقضت منذ سنوات عديدة نظمتها قوانين أخرى؛ مثل اعتماد الجمعيات العمومية للبنوك أو الشركات خلال السنوات الماضية للميزانيات، والأوضاع القانونية، ناهيك عن الشركات التي لم تعد موجودة من أساس لاعتبارات عديدة (إفلاس، تصفية..)، وفتح الموضوع من شأنه الإخلال بأوضاع النشاط المصرفي أو عمل الشركات، ومن شأن التطبيق إحداث فوضى مالية وقانونية كبيرة.
يصطدم مقترح القانون بعقبة قانونية مرتبطة بقانون التجارة وقانون الشركات التجارية، فقوانين التجارة والشركات نصت بشأن المواد المتعلقة بالمدة القانونية لمسك الدفاتر التجارية للبنوك والشركات الموثقة لأعمال تلك الجهات، والمحددة لطبيعة القروض وفوائدها وأطرافها، وهي مدد انتهت منذ أمد بعيد، ومن شأن ذلك خلق صعوبات في تطبيق المقترح.
من شأن المقترح أن يخلق ربكة كبيرة في نطاق الواقع الاجتماعي والقانوني، فمن جانب هناك من توفاه الله من مقترضين ودخل مكانه الورثة، وفي حالات ورثة الورثة، وبالتالي سيُقحم في تطبيق القانون أطراف عديدة سيعانون من مشكلات قانونية واجتماعية بسبب الإخلال بالمراكز القانونية مع عدم اشتراكهم في بداياتها.
القانون المقترح شمل فقط من اقترض في الأمور الاستهلاكية وطالب باسترداد الفوائد عنهم، والقانون تجاوز فكرة تكافؤ الفرص، ولم يخاطب الأطراف الذين لم يقترضوا وتحملوا أعباء الحياة، وهو ما يخل بمبدأ العدالة، والمقترح بذلك يكافئ النسبة الأقل من المجتمع ويهمل باقي المجتمع.
كان من المفترض أن يقدم النواب مقترحاً يعالج موضوع الفوائد البنكية والاستثمارية بشكل عام، مع مراعاة تطبيقه عند نفاذ القانون، ويشمل كل الأطراف في المجتمع دون تفضيل طرف على آخر، مع مراعاة التدرج في التطبيق.
المقترح المقدم من النواب
هذا، وقد تقدم النواب شعيب المويزري، وأسامة الزيد، وعبدالله فهاد، وسعود العصفور، وشعيب شعبان، باقتراح بقانون بشأن استرداد الفوائد المتحصلة بشكل غير قانوني من البنوك الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي.
وعرَّف المقترح الفوائد غير القانونية بأنها أي فائدة أخذت أكثر من أصل القرض، أو أي فائدة أخذت أكثر من مرة على القرض نفسه، حتى ولو تمت إعادة جدولته، أو أي فائدة أخرى مخالفة لنصوص القانون رقم (68) لسنة 1980.
ونص المقترح على أن يشكل محافظ بنك الكويت المركزي لجنة للنظر في صحة الفوائد التي تحصل عليها البنوك وشركات التمويل، ومدى قانونية هذه الفوائد وتوافقها مع أحكام القانون رقم (32) لسنة 1968 المشار إليه، والقانون رقم (68) لسنة 1980 المشار إليه.
وقضى بأن تنظر وتحصي اللجنة القروض الشخصية والاستهلاكية وفوائدها التي منحت لعملاء البنوك وشركات التمويل منذ عام 1992 وحتى تاريخ صدور هذا القانون.
وقرر المقترح أن تسترد اللجنة الفوائد غير القانونية التي تحصلت عليها البنوك وشركات التمويل من العملاء، وتتم إعادتها في حسابات العملاء، وأن تتولى اللجنة فحص جميع القروض وفوائدها سواء تقدم العميل بطلب فحص قرضه أو لم يتقدم.
ويجوز لأي عميل لا يعلم أو يرغب بمعرفة إن كانت البنوك قد أخذت منه فائدة غير قانونية أن يقدم طلباً إلى اللجنة، وعلى اللجنة الرد بمذكرة خطية على العميل بمدة لا تتجاوز 60 يوماً من تاريخ تقديم طلبه.
ووفق المقترح، يحق لصاحب القرض أو ورثته التقدم بطلب للجنة لفحص قانونية فوائد القرض واسترداد مبلغ الفائدة غير القانونية، وذلك بالنسبة للقروض التي تم سدادها.
ونص على أن تعرض اللجنة التقارير وكل المخالفات والمبالغ المستردة على مجلس الأمة بشكل دوري مستمر كل ثلاثة أشهر.