لم تكن الصواريخ التي أطلقت مؤخراً من الضفة الغربية تجاه المستوطنات الصهيونية هناك المحاولة الأولى للمقاومة الفلسطينية، وسبق هذه العملية تسجيل عدة محاولات في الإطلاق والتصنيع أو تصدير الكفاءات من غزة؛ إلا أنها لم يكتب لها النجاح.
وكانت قيادة «كتائب القسام» أرسلت، في صيف عام 2001م، الشهيد القسامي مهند جمال سويدان (21 عاماً) من غزة إلى الضفة الغربية من أجل نقل تقنيات تصنيع صواريخ «القسام»، إلا أنه استشهد خلال محاولة اجتيازه للسياج الفاصل شرقي مخيم المغازي للاجئين بغزة.
كما كان لعدد من مهندسي «القسام» في الضفة محاولات لتصنيع الصواريخ من بينهم الشهيد قيس عدوان؛ إلا أنها لم يكتب لها النجاح، حتى أعلنت «كتيبة العياش» مؤخراً نجاحها في إطلاق صاروخين موثقة ذلك بشريط فيديو للعملية.
تهديد إستراتيجي
وقال عمر جعارة، المختص في الشأن الصهيوني: إن الهدف الإستراتيجي لدولة الاحتلال ألا تصبح الضفة الغربية قطاع غزة من حيث استخدامها للصواريخ والأنفاق.
وأضاف جعارة لـ«المجتمع»: صورة الصواريخ في الضفة الغربية تتصدر المشهد في الإعلام «الإسرائيلي»، مؤكداً أن دولة الاحتلال تنظر بخطورة بالغة لهذه الصواريخ وتعتبرها تهديداً كبيراً.
وأشار جعارة إلى أن الاحتلال لن يسمح مطلقاً أن يصبح «الخط الأخضر» الفاصل بين الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948م مثل غلاف غزة، وهي المستوطنات اليهودية المحاذية للقطاع.
واستدرك قائلاً: لكن عملياً مصطلح «غلاف غزة» انتهى؛ لأن الصواريخ أصبحت تصل إلى «تل أبيب» وتتجاوز الغلاف، مشدداً على أن الصواريخ الفلسطينية مؤثرة جداً، والقبة الحديدية ثبت فشلها في التصدي لها، وأكد أنه من حق الشعب الفلسطيني تطوير أسلحته وأدواته القتالية من أجل التحرير والانعتاق من الاحتلال.
وفي الوقت ذاته، حذر جعارة من استثمار الاحتلال لهذه الصواريخ لتعزيز بطشه للمواطنين في الضفة الغربية، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال تعيش أسوأ لحظاتها أمام المجتمع الدولي بعد جرائمه التي ارتكبها في جنين ومن قبل في غزة.
تطور نوعي
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد مصطفى شاهين: ما كان سابقاً في الضفة الغربية ليس مثل ما سيكون بعد إطلاق هذه الصواريخ.
وأضاف شاهين لـ«المجتمع»: هذه حقيقة رسمتها صواريخ «كتيبة العياش» في الضفة؛ حيث سطرت نجاحاً أمنياً واستخبارياً، وبعثت برسائل عميقة للاحتلال أن التصنيع العسكري في الضفة الغربية مستمر وفي تطور، سواء بالعبوات الناسفة أم بالتجارب الصاروخية.
واعتبر أن هذه الصواريخ توصل رسالة بأن الضفة الغربية تسير على خطى المقاومة في قطاع غزة، وضربة لسياسة التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال، مؤكداً أن هذا التطور النوعي لصواريخ الضفة يعزز تآكل الردع وصعود المقاومة بالتزامن مع انكسار هيبة جيش الاحتلال في عيون المقاومة الفلسطينية.
وقال شاهين: يحمل إطلاق صواريخ «القسام» في الضفة مجموعة من المبادئ كونها تستهدف المستوطنات والأهداف العسكرية «الإسرائيلية» في إطار الرد على اعتداءات الاحتلال.
وأضاف: تحظى هذه الصواريخ بفعالية عالية في الضفة؛ نظراً لقرب المستوطنات وعدم وجود قبة حديدية ووجود الآلاف من المستوطنين والثقل العسكري «الإسرائيلي» في المركز.
وشدد شاهين على أن صواريخ «القسام» تستخدم للدفاع عن الفلسطينيين والمقاومة ضد الاحتلال والحفاظ على الكرامة والحقوق الفلسطينية.
وقال: تستخدم صواريخ المقاومة لتحقيق الردع؛ أي إرغام العدو على وقف اعتداءاته وانتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني، وذلك بإثارة الخوف وتكبيده خسائر مادية وبشرية.
وكانت مجموعة مقاومة تطلق على نفسها «كتيبة العياش» أعلنت، أمس الإثنين، مسؤوليتها عن إطلاق صاروخين من طراز «قسام 1» تجاه مستوطنة شاكيد المقامة على أراضي الفلسطينيين غربي جنين شمالي الضفة العربية.