منذ عصور طويلة، تشكلت الكويت كقلب نابض بالعطاء والتضامن، حيث امتدت يد العون الكويتية لتشمل العديد من المناطق المحتاجة حول العالم، ولم تكن هذه المساعدات مقتصرة فقط على الجوانب المادية، بل امتدت إلى تقديم الدعم الطبي والإغاثي للمجتمعات المتضررة والمحتاجة.
هذا، وقد كتبت الكويت قصة جديدة من العطاء والإنسانية في فلسطين، حكاية عن التضامن والأخوة، وعن بصمات العطاء التي تجلب الأمل والشفاء لقلوب الفلسطينيين في زمن الضيق والابتلاء.
ففي أكتوبر 2023م، شهدت الكويت انطلاق حملة إغاثية مهمة لدعم الشعب الفلسطيني المناضل في قطاع غزة، تحت عنوان «فزعة لفلسطين»، بادرت العديد من الهيئات واللجان الخيرية في الكويت للمشاركة في هذه الحملة الإنسانية الرائعة، بإشراف من وزارتي الخارجية والشؤون الاجتماعية.
وتكاتفت الجهود الخيرية في الكويت، حيث قامت العديد من الجمعيات الخيرية بتنظيم حملات إغاثية منفردة، من بينها نماء الخيرية، والرحمة العالمية، وبلد الخير، والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، لتقديم الدعم والمساعدة لأهالي غزة.
وفي ديسمبر، أعلنت الكويت عن إطلاق حملة شعبية لتسيير سفينتي إغاثة إلى غزة عبر ميناء العريش البحري بالتعاون مع الهلال الأحمر التركي، وشارك في الحملة 30 جمعية خيرية كويتية، وتمكنت الحملة من جمع مبلغ كبير من التبرعات في دقائق معدودة.
وفي مارس 2024م، قام أطباء من فريق الهلال الأحمر بإجراء عمليات جراحية نوعية في مستشفيات الكويت التخصصي وغزة الأوروبي؛ مما ساهم في إنقاذ حياة العديد من الجرحى الفلسطينيين، وفي الشهر نفسه، وصلت طائرة إغاثية كويتية إلى الأردن تحمل مواد غذائية لسكان غزة.
وأعلنت الجمعية الكويتية للإغاثة، في أبريل، مغادرة فريق طبي كويتي إلى غزة، مكون من 11 طبيبًا واستشاريًا في مختلف التخصصات الطبية والجراحية، بهدف تقديم الدعم للقطاع الطبي في غزة. وجاء ابتعاث الفريق الطبي في إطار حملة «فزعة لفلسطين» التي أطلقتها الكويتية للإغاثة.
وفي غزة، بدأ الفريق الطبي الكويتي عمله بحماس، من خلال إجراء العمليات الجراحية وتقديم العلاج للمرضى والجرحى، فيما لاقى ترحيباً كبيراً من قبل أبناء الشعب الفلسطيني الشجاع، وكانت هذه الجهود تجسداً للتضامن العربي والإنساني، وبثت الأمل والشفاء في قلوب الناس في زمن الأزمات والمحن.
وخلال رحلتهم الإنسانية، شارك الأطباء الكويتيون تجاربهم الشخصية في غزة، مما أظهر الروح الباسلة والإيمان بأهمية العمل الإنساني في إحداث التغيير الإيجابي، وفي نهاية اليوم، عبر مدير مستشفى الكويت التخصصي عن شكره وتقديره للجهود الكويتية المخلصة، مؤكداً أن هذه البادرة تعكس الروح الإنسانية الرفيعة وتعبيراً عن الدعم اللا محدود لشعب غزة المنكوب.
في ظل هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه سكان قطاع غزة، وتدهور الوضع الصحي بشكل كبير، اضطرت وزارة الصحة في القطاع إلى التوجه بنداء استغاثة إلى المؤسسات الدولية والأممية والمجتمع الدولي للمساهمة في إعادة تشغيل مستشفى ناصر في خان يونس، الذي يُعد ثاني أكبر مستشفى في غزة، بعد خروجه عن الخدمة في فبراير الماضي.
ووصفت وزارة الصحة في غزة خروج مستشفى ناصر عن الخدمة بأنه ضربة قاسمة للخدمة الصحية؛ مما أدى إلى تقلص الخدمات الطبية إلى أدنى مستوياتها، في ظل الاكتظاظ الشديد في المستشفيات بالنازحين.
وفي مسعى منها لتوفير الخدمات العلاجية للمرضى والجرحى، دعت وزارة الصحة إلى تفريغ المستشفيات وحصرها على الحالات الطارئة، لتمكين الكوادر الطبية من تقديم الرعاية اللازمة والعلاج للحالات الحرجة.
تعيش غزة حالة من الكارثة الإنسانية، حيث تستمر الهجمات «الإسرائيلية» المتواصلة منذ أكتوبر الماضي؛ ما أدى إلى دمار وتشريد الآلاف، وتدهور الوضع الصحي بشكل كبير نتيجة لتدمير المستشفيات ونقص الإمدادات الطبية الأساسية.
ومن جانبهم، أشاد أهالي القطاع بجهود الوفد الطبي الكويتي، وعبروا عن تقديرهم وامتنانهم لمساهمتهم في تقديم الرعاية الصحية للمصابين والمرضى في ظل هذه الظروف الصعبة.
«كلمة الكويت بجانبكم لم تأتِ من فراغ، بل منذ زمن طويل»، بهذه الكلمات عبر أحد سكان غزة عن شكره وامتنانه للجهود الكويتية في دعم القطاع ومساندته في مواجهة التحديات.
وفي هذه الأجواء الصعبة، تظهر روح التضامن الإنساني بين شعوب الأمة العربية، حيث يقدم الوفد الطبي الكويتي مثالاً حياً على التكاتف والتعاون لمساعدة الشعب الفلسطيني المنكوب في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها.
ودائماً تظل الكويت وفداً طبياً يحمل بين جنباته الأمل والشفاء لسكان غزة، مؤكدة استمرار التضامن والتعاون العربي في مواجهة الأزمات ودعم الشعوب في الظروف الصعبة.