يعاني الأطفال الفلسطينيون في كل الأراضي الفلسطينية معاناة بالغة، ويتعرضون لأخطار محدقة، وإضافة إلى الاستهداف العام الذي يتعرض له الفلسطينيون، يستهدف الاحتلال الطفولة في فلسطين، وينكل بالأطفال والفتيان، من خلال القتل الممنهج والمجازر المروعة، والاعتقالات المتكررة وما يرافقها من اعتداءات بدنية ونفسية، إضافة إلى استهداف مدارسهم ومناهجهم الدراسية والمؤسسات الراعية لحقوقهم وأطرهم الاجتماعية.
وتتفاقم معاناة الأطفال عند غياب المعيل واستشهاد معظم أفراد عائلته، ويصبح الأطفال ضحية مزدوجة، لحاجة العائلة القاهرة، وللمحتل الذي يستهدفهم.
ونركز هنا على 5 جرائم ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الأطفال في فلسطين بالتزامن مع «يوم الطفل الفلسطيني»:
1- القتل:
مع تجاوز حصيلة العدوان على قطاع غزة 33 ألف شهيد، تُشير مصادر طبية فلسطينية إلى أن أكثر من 14 ألف شهيد منهم من الأطفال، قتلتهم طائرات الاحتلال منذ بداية العدوان على قطاع غزة، وتُشير المصادر الفلسطينية إلى وجود أعدادٍ أكبر تحت أنقاض المنازل بسبب صعوبة انتشال جثامين الشهداء.
ولا ينحصر قتل الأطفال في غزة فقط، بل تقتل قوات الاحتلال الأطفال في مختلف المناطق الفلسطينية بذرائع واهية، ففي عام 2023م قتلت قوات الاحتلال 135 طفلًا فلسطينيًا في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
2- حرمان من دفء الأسرة:
تتكشف الفظائع التي ترتكبها سلطات الاحتلال في غزة يومًا بعد آخر، فقد قتل الاحتلال أكثر من 9 آلاف امرأة منذ بداية العدوان، أعداد كبيرة من الشهيدات أمهات؛ ما يعني حرمان الطفل من دفء الأسرة واستقرارها، ومنذ بداية العدوان فقد آلاف الأطفال واحدًا من الأبوين أو كليهما، وأشارت تقديرات وكالة «الأونروا» إلى أن 17 ألف يتيم في القطاع فقد أحد والديه أو كليهما، إضافة إلى أعداد كبيرة من الأطفال انفصلت عن عوائلها نتيجة العدوان البري وتقطيع أوصل القطاع.
وقد كشفت العديد من المقاطع المصورة عن وصول أطفال إلى مشافي غزة دون سن النطق (جلهم من الأطفال الرضع)، لا تُعرف عوائلهم، وعلى أثر هذه الجرائم الفظيعة بدأت الجهات الأممية استخدام مصطلحٍ جديد يُختصر بـ«دبلو سي إن إس إف» (WCNSF)، ويعني «طفل جريح ولا عائلة على قيد الحياة لرعايته».
3- من الترهيب النفسي إلى التجويع:
يتعرض الأطفال لترهيب نفسي متعمد، يمتد من اعتداءات قوات الاحتلال عليهم، واقتحام منازلهم، وهدمها، وهو ما يسبب تشوهات نفسية خطيرة، فبحسب متخصصين؛ فإن الحالة النفسية للأطفال في فلسطين عامة وفي قطاع غزة على وجه الخصوص تأثرت بشدة بسبب العدوان على القطاع، ففي غزة ظهرت على الأطفال أعراض مثل المستويات المفرطة من القلق المستمر، وفقدان الشهية، إضافةً إلى وجود صعوبات في النوم، وإصابتهم بنوبات انفعالية شديدة، أو نوبات ذعر، وهي حالة تأتي على أثر سماع صوت القنابل والانفجارات، فيما كشفت العديد من المقاطع المصورة التي بثها النشطاء في غزة إلى ارتقاء الأطفال نتيجة خوفهم الشديد من أصوات الانفجارات.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بهذه الجرائم فقط، بل زادت عليها جريمة التجويع، إذ تحرم الفلسطينيين عامة والأطفال خاصة من تناول ما يكفيهم من طعام ومياه نظيفة، وهو ما أدى إلى ارتقاء أكثر من 15 طفلًا بسبب المجاعة التي تضرب شمال قطاع غزة، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يُعاني 31%؛ ما يعني 1 من كل 3 أطفال دون سن الثانية، في شمال قطاع غزة من سوء التغذية الحاد، وبحسب المنظمة، ارتفع معدل انتشار سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة في الشمال من 13% إلى 25%، وتؤكد منظمة الصحة العالمية إلى أن سوء التغذية أصاب نحو 90% من الأطفال في غزة.
4- الحرمان من الرعاية الطبية:
عمل الاحتلال على استهداف القطاع الصحي في قطاع غزة، لحرمان الفلسطينيين من أي مقومات صمود في مواجهة آلة القتل الصهيونية، وهو ما أدى إلى انتشار الأمراض المعدية في القطاع، فبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن 90% من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بمرض معدٍ واحد، ومع شح الأدوية تفتك هذه الأمراض بأجساد الأطفال التي تعاني من سوء التغذية.
وبما يتصل بجرائم الاحتلال واستهدافه الفلسطينيين بشكلٍ مكثف، كشفت تقارير منظمات أممية في يناير 2024م بأن نحو ألف طفل في غزة فقدوا إحدى ساقيهم أو كلتيهما منذ بداية عدوان الاحتلال، وكشفت هذه التقارير بأن معظم العمليات الجراحية للأطفال أجريت دون تخدير، كما لفت إلى عدم توفر الفرق والمعدات الطبية في قطاع غزة.
5- اعتقالات:
تعتقل قوات الاحتلال مئات الأطفال سنويًا من مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتتعامل قوات الاحتلال معهم المعاملة ذاتها التي يتلقاها الأسرى الفلسطينيون، فهي تعتقل الأطفال المرضى والفتيات القاصرات، وتمارس بحقهم اعتداءات جسدية ونفسية مختلفة، تبدأ بتعرضهم للضرب المبرح فور اعتقالهم، ونقلهم في الآليات العسكرية تحت الضرب المستمر والشتائم، وصولًا إلى مراكز التحقيق، حيث يتعرض الأطفال لأبشع أنواع التعذيب.
ولا تقف انتهاكات الأطفال عند هذا الحدّ، بل تقوم سلطات الاحتلال بتغريم ذوي الأطفال مبالغ مالية كبيرة، إلى جانب فرض الحبس المنزلي وحرمانهم من متابعة الدراسة.
________________________
1- مرصد شيرين، جدول تفاعلي. http://tinyurl.com/3srrpnhy
2- الجزيرة نت، 4/3/2024. https://tinyurl.com/2rjrr9bn
3- الجزيرة نت، 2/2/2024. https://tinyurl.com/4xhs8rtf
4- الجزيرة نت، 7/3/2024. https://tinyurl.com/739brdkz
5- وكالة الأناضول، 15/3/2024. https://tinyurl.com/2wn2rwj7
6- منظمة الصحة العالمية، 19/2/2024. https://tinyurl.com/3zyxfzht
7- علي إبراهيم، الطفولة في القدس تحت الاحتلال، 1/5/2019. https://tinyurl.com/38wzj7vb