كتب- عادل العصفور
عندما نتحدث عن عبدالعزيز بن علي المطوع، يرحمه الله تعالى، نجد أنفسنا أمام شخصية استثنائية، تتسم بالعطاء اللامحدود والإيمان القوي بقضايا الإسلام والإنسانية، إنه رمز للتفاني والتضحية، ومثال يُحتذى به في كل مجالات الحياة.
في ظل الظروف التي نشأ فيها، استطاع أن يتميز بين أقرانه، وبناء على قيمه الإسلامية الراسخة، وتعلقه بالعلم والمعرفة؛ نجح في ترك بصماته الواضحة في مجتمعه وميادين العلم والدعوة.
كانت حياته مزجاً متناغماً بين التجارة والدعوة، فلم يقتصر عطاؤه على جوانب معينة، بل كانت روح الإحسان والعطاء تنبع من داخله بلا حدود، من خلال تأسيسه للعديد من المؤسسات الخيرية والدعوية، ودعمه لكل مظاهر الخير والإصلاح، أثبت أن الإسلام دين العطاء والتضحية.
المولد والنشأة
ولد عبدالعزيز بن علي بن عبدالوهاب المطوع القناعي في 29 يوليو 1910م بالكويت، وكان فرحة والده البكر، شبَّ وتعلم في المدرسة الأحمدية، واشتهر بذكائه الحاد وفطنته، فقد تخرج في المدرسة وعمره 11 عاماً، وكان ترتيبه الأول على المدرسة؛ ما جعله محط إعجاب أساتذته في ذلك الوقت.
نشأ نشأة دينية وأدبية في بيت كريم يرعى حدود الله، ورافق عدداً كبيراً من رجالات الكويت الذين بنوا نهضة البلاد بمختلف أشكالها، خاصة الجانب التعليمي منها، ومن هؤلاء الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، المؤسس الأول للنهضة الإصلاحية العلمية في البلاد، الذي كان عضواً بمجلس المعارف في عهد الشيخ عبدالله الجابر الصباح، وعضواً في المجلس البلدي عام 1951 – 1954م.
عبدالعزيز كان شاباً متميزاً بين أقرانه، نبيهاً فطناً، يشهد له بذلك كل من عرفه عن قرب، فرغم عدم حصوله على تعليم رسمي في الجامعات أو الأزهر، فإنه كان يمتلك عقلية تفكير متقدمة، وإيماناً قوياً بأهمية العلم والتعلم.
يقول بنفسه عن ذلك: «لم أكن من خريجي الأزهر الشريف ولا من خريجي الجامعات، بل كان تعليمي في وطني الكويت ولم يزد على 6 سنوات في المدرسة المباركية، وسنة أخرى في مدرسة عبدالملك الصالح في بيته، و4 سنوات في الأحمدية، وكانت جامعتي الكبرى هي القرآن الكريم، إذ أخذت أنظر في آياته منذ سن التاسعة عشرة من عمري، كما أنني لم أترك فرصة للتعلم إلا استفدت منها، وكنت كلما وجدت معلماً خاصاً يعلم في منزله أخذت منه العلم واعتبرت الحياة على امتدادها مدرسة مستمرة».
أسس عبدالعزيز مدرسة عملية إيمانية في الكويت، حيث أخذ يعمل على نشر الخير والإحسان في المجتمع وتعليم الشباب القيم الإسلامية الفاضلة، فكان يستقبل الدعاة والزائرين ويدعم نشاطهم، وأسس مكتبة إسلامية كبيرة وجمعيات دعوية تهدف إلى خدمة المسلمين ونشر الإسلام.
وكان يمارس التجارة منذ سن مبكرة، ولكنه تميز بأخلاق تجارية عالية وحسن سلوك، ونشر الخير والأخلاق الإسلامية من خلال تعامله التجاري، والسعي في مساعدة الفقراء والمحتاجين دون تردد.
لقد كانت روح الجهاد والمساهمة في قضايا الأمة الإسلامية تسكن قلبه، حيث عبر عن رغبته بالمشاركة في جهاد تحرير فلسطين، وعندما فاتته الفرصة للجهاد بالنفس، كان من أوائل المتبرعين والداعمين للقضايا الإسلامية المختلفة.
وفي نهاية المطاف، يظل عبدالعزيز المطوع رمزاً للعطاء والجهاد والإيمان في سبيل الله، ولقد بقيت سيرته وأعماله الخيرية والدعوية خالدة في ذاكرة الكويتيين والمسلمين؛ مما يجعله مثلاً يُحتذى به في مسيرة العطاء والإحسان.
ويبقى إرثه، رحمه الله، حافلاً بالعطاء والإيمان، وقصته تظل درساً وعبرة للأجيال القادمة في قيم الإسلام والعمل الخيري وروح الجهاد في سبيل الله.
وفاته
وقد أسلم الروح إلى بارئها في 17 من ذي القعدة 1416هـ/ 7 أبريل 1996م، رحم الله تعالى رجل الخير والإحسان، وجعل أعمالــــه في ميزان حسناته وأسكنه الفــــردوس الأعلى.