تتمدد النسوية بشكل غريب وخطير، من أبواب وثغرات عدة، في استهداف واضح وصريح لعقل وقلب المرأة المسلمة، بحثاً عن سراب، قد ينتهي بها إلى الإحباط والاكتئاب والعزلة والعنوسة وربما الانتحار.
هذه الأبواب تُفتح على مصراعيها، تارة من باب حقوق المرأة، وتارة من منطلق المساواة مع الرجل، كذلك من خلال إثارة «الجاموفوبيا»؛ أي الرهاب من الزواج، والرهاب من الحمل، والرهاب من الرضاعة، وهكذا، حتى تصير المرأة رجلاً، لا هي أنثى، ولا هي أصبحت رجلاً.
الأمر جد خطير، ويحتاج إلى رصد وتعقب لصور غريبة مستحدثة ومستفزة، تتفشى في أوساط المرأة المسلمة، أغلبها ينبع من المدرسة الغربية الداعمة للانحلال والإثارة، والتحرر من ضوابط الدين، والتقاليد، وقيم ومبادئ المجتمع.
ما حاجة المجتمع، مثلاً، لأن تكون المرأة «مفتولة العضلات»، تحمل أثقالاً كبيرة، وتشارك في بطولات مخصصة لرفع الأثقال، مقابل نيل قطعة من ذهب أو فضة؛ في محاولة لإثبات قدراتها على تحدي الرجال؟
ولماذا تسعى المرأة للمشاركة في بطولات كمال الأجسام، في محاولة لنفي الفكرة التقليدية القائلة بأن جسم المرأة يجب أن يكون «ناعماً وبلا عضلات»، فإذ بها تتخلص من أنوثتها وأمومتها، وتسعى لاستثارة الهرمونات الذكورية عندها؛ لكسب ميدالية أو لقب لا يساوي شيئاً من ظفر طفل يلهو بين أحضانها، وينهل من حنانها.
يقول خبراء الطب: إن ممارسة رياضة كمال الأجسام للفتيات تساهم بشكل مباشر في زيادة نسبة العقم عند النساء والاضطرابات الجنسية، ويزيد من اضطرابات الدورة الشهرية، إضافة إلى مضاعفات أخرى، نتيجة استعمال حقن النمو ومركبات وهرمونات تضخيم العضلات.
تقول الكاتبة النسوية بترونيلا وايت، في مقال نشرته قبل أسابيع، صحيفة «ديلي ميل» البريطانية: إن النسوية خذلت جيلها وأضاعت عمرها، مضيفة أنها تلتقي أسبوعياً بمجموعة من صديقاتها، ويناقشن ما آلت إليه حياتهن، فهن جميعاً في منتصف الـ50 من العمر ومهنيات ومتعلمات تعليماً عالياً، ومع ذلك يشعرن بأن هناك فراغاً كبيراً في حياتهن، معلقة: «جميعنا عازبات ومن دون أطفال».
تساؤلات أخرى
هناك صور أخرى مستحدثة للنسوية، ويجري فرضها عمداً على الفتيات منذ الصغر، خاصة من بوابة الرياضة، حيث يتم دفع الفتيات والمراهقات إلى تعلم الفنون القتالية، مثل الكاراتيه والكونغ فو والمصارعة والملاكمة، أو ألعاب أخرى مثل الجمباز والرقص الإيقاعي، أو رياضات العدو والوثب والقفز بالزانة، حتى ارتفعت نسبة تمثيل المرأة إلى أكثر من 44% من المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية في لندن عام 2012م.
ويشترط الميثاق الأولمبي دعم تعزيز المرأة في الرياضة على جميع المستويات، وتشجيع مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، ولذلك يتم تهديد دول إسلامية بالحرمان من المشاركة في الأولمبياد، إضافة إلى عقوبات دولية أخرى تتعلق بملف حقوق الإنسان، حال منع مشاركة المرأة في رياضات الرجال.
وفي محاولة للانحناء أمام الضغوط الغربية، والإملاءات الدولية والحقوقية، ودون ضوابط شرعية أو أخلاقية، يجري تنظيم بطولات عالمية لكرة القدم، وتشكيل فرق نسائية لممارسة رياضات كانت إلى عهد قريب من نصيب الرجال فقط، بل باتت تمنح الجوائز من الاتحادات الرياضية لأفضل لاعبة، وأفضل حارسة مرمى، بل باتت المرأة هي من تحكم مباريات الرجال!
لكن الداعمين لهذا التوجه يغضون الطرف عمداً عن إدانة الطبيب السابق لمنتخب الجمباز الأمريكي لاري نصار، والحكم بسجنه لمدة 176 عاماً بتهمة التحرش الجنسي بمئات من لاعبات الجمباز على مدار عقود.
ولم ينسَ العالم بعد الجدل الصاخب، الذي تسبب فيه رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم لويس روبياليس بسبب تقبيله اللاعبة جينيفر هيرموسو على شفتيها خلال احتفال منتخب بلادهم للسيدات بالمونديال، العام الماضي؛ ما تسبب في إيقافه لمدة 3 سنوات من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
ويحقق «فيفا» كذلك في واقعة تتعلق بقيام مدرب منتخب زامبيا للسيدات بتحرش يدوي بإحدى اللاعبات بعد جلسة تدريبية، وقيامه كذلك بتحرش يدوي بإحدى العاملات لدى الاتحاد، خلال كأس العالم للسيدات، العام الماضي، في أستراليا ونيوزيلندا.
وقبل أعوام، أعلنت عضوات في فريق التزلج النسائي الكوري الجنوبي عن تعرضهن لاعتداءات جنسية على أيدي مدربيهم، ما دفع رياضية شابة إلى الانتحار بسبب التعرض للاعتداء الجنسي والجسدي على أيدي طاقم تدريبها.
ويضم أرشيف التحرش الجنسي العديد من الوقائع داخل المنتخبات والأندية الرياضية، خاصة الأمريكية والأوروبية، وفي ألعاب مختلفة، أبرزها كرة القدم والسباحة والجمباز، وبحسب تحقيق أجرته «بي بي سي»، ونشرت نتائجه في يوليو 2020م، فإنه جرى تسجيل أكثر من 160 حالة لمدربين رياضيين انخرطوا في أنشطة جنسية مع قُصّر تراوحت أعمارهم ما بين 16 و17 عاماً منذ عام 2016م.
ما سبق غيض من فيض، وما خفي كان أعظم، ليتأكد بشكل جلي أن النسوية جلبت للمرأة التحرش والانتهاك لحقوقها، ولم تمنحها شيئاً من عدالة أو مساواة كما كانت تتصور، فضلاً عن فقدان أنوثتها وعفتها وحيائها، لتصبح «نصف امرأة» و«نصف رجل».