رغم الصمود المذهل للشعب الفلسطيني في غزة، ورغم الأداء النوعي للمقاومة، ورغم الخسائر الكبيرة التي مني بها الاحتلال، ورغم فشل كل الأهداف «الإسرائيلية»، فإن نتنياهو يتشدد في المفاوضات للأسباب التالية:
1- عدم وجود ضغط أمريكي قوي يشكل رادعاً لنتنياهو لوقف عدوانه: الضعف الأمريكي وواقع الإدارة وصهيونية بايدن والانتخابات الرئاسية، وتوقع نتنياهو فوز ترمب، ودعوته لإلقاء كلمة أمام الكونغرس، كلها عوامل سمحت بعدم بروز موقف أمريكي قاطع بوقف العدوان.
2- عدم وجود ضغط شعبي «إسرائيلي» داخلي يجبر نتنياهو على وقف العدوان: غياب الضغط الشعبي الكبير، وعدم ذهاب المجتمع «الإسرائيلي» وقواه الحزبية والعمالية والنقابية نحو الإضراب والعصيان، وجمود حراك عائلات الأسرى عند مستوى معين، وضعف المعارضة من لابيد إلى غانتس، عوامل تسمح لنتنياهو بالتهرب.
3- الائتلاف الحاكم وتماسكه: التحالف بين نتنياهو، وبن غفير، وسموترتيش، وباقي الائتلاف، توفر غطاء قوياً لنتنياهو، فهؤلاء رغم خلافاتهم وانقساماتهم وصراعهم على كل شيء، يتمسكون بالتحالف الحكومي ويحافظون عليه من الانهيار؛ لأنهم لو أسقطوا الحكومة لأي سبب، لن يعودوا للسلطة، وسيخسرون المكاسب التي يأخذونها من خلال الحكومة.
4- ضعف وزير الدفاع وقادة الجيش والأجهزة الأمنية: إن ضعف هؤلاء جميعاً وضعف نفوذهم وضعف شخصيتهم (يؤنبهم نتنياهو كل يوم)، وهروبهم من نتائج 7 أكتوبر، وعدم قدرتهم على ممارسة ضغط قوي على نتنياهو، يسمح للأخير بالتهرب والمقاومة والضغط عليهم جميعاً وابتزازهم، وهو أجاد ذلك، وهم فشلوا في بناء موقف قوي رغم قناعتهم بفشل العدوان، وإدراكهم لمناورات نتنياهو ومصالحه الشخصية في التهرب وإفشال المفاوضات، واستخدامه الجيش لتوريطه، ونجاته هو شخصياً للبقاء في الحكم.
5- عدم وجود موقف عربي دولي قوي: استمرار الضعف العربي، وتواطؤ العرب مع نتنياهو ضد الفلسطينيين ومقاومتهم، وضعف الموقف الدولي، وعدم تحويل قرارات محكمة العدل الدولية، والجنائية الدولية لواقع عملي، كلها عوامل تعطي نتنياهو القدرة على التهرب.
يبقى أمام الشعب الفلسطيني الصمود والمقاومة، والتمسك بالمطالب، والالتفاف حول المقاومة، واستمرار الحراكات السياسية والشعبية، لحين تغير عدد من المعطيات، وهذا ما ستتجه إليه الأمور مستقبلاً.