يعتبر غسان مصباح أبو ندى (21 عاماً) أحد أبرز رموز المقاومة الفلسطينية، وأول شهيد يرتقي من «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وذلك في 3 مايو 1991م؛ أي بعد عام من تجديد الجهازي العسكري لمقارعة الاحتلال وعملائه.
1- النشأة والتكوين:
ولد أبو ندى عام 1970م في مخيم جباليا من عائلة لاجئة استقرت في المخيم، ودرس في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وكان متفوقاً في دراسته متقناً للغة الإنجليزية؛ مما أتاح له دراسة التمريض في الكلية المعمدانية التابعة للمدرسة المعمدانية بغزة التي تتخذ من المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) مقراً لها، وتخرج فيها بامتياز وتدرب وعمل ممرضاً في المشفى، وكان آنذاك ثاني أكبر مشافي غزة بعد مشفى الشفاء.
تربى أبو ندى منذ طفولته على حب الوطن ومقاومة الاحتلال، والتحق بصفوف الحركة الإسلامية مع بدايات الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م.
2- تصفية العملاء:
كان أبو ندى عضواً فاعلاً في «مجموعة الشهداء» التي شكلتها قيادة «كتائب القسام» شمال قطاع غزة كواحدة من 5 مجموعات قام عليها العمل الجهادي مطلع تسعينيات القرن الماضي بقيادة الشهيد عماد عقل، وتخصصت في الخطف والتحقيق مع عملاء الاحتلال وتصفيتهم من أجل الحصول على السلاح الذي كان بحوزتهم، حيث كانت تلك الظاهرة رغم محدوديتها تؤرق المجتمع الفلسطيني.
عمل أبو ندى في مهنة التمريض لم يمنعه من ممارسة الجهاد، فهو حبه وعشقه منذ الصغر، مع علمه أن مهنته ستساعده كثيراً في عمله الجهادي الذي يتطلب هذا التخصص، فجنَّده عماد عقل للانضمام إلى «مجموعة الشهداء» في «كتائب القسام» التي كانت تضم إضافة إلى غسان كلاً من: مجدي حماد، بشير حماد، محمد حرز، محمد أبو عطايا، محمد عايش، طلال نصار، ونهرو مسعود.
عانت هذه المجموعة مخاض البدايات الصعبة لانطلاق العمل الجهادي، حيث إنها لا تمتلك أي قطعة سلاح ناري لمقارعة الاحتلال، وإنما كل ما لديها بعض أدوات تقليدية من عِصي وسكاكين وأدوت حادة وأسلحة بلاستيكية للتخويف بها، وكانت تتدرب بشكل مكثف على كل أنواع القتال وحرب الشوارع من أجل النجاح في مهامها لحين ما توفر السلاح لتكون على جهوزية تامة.
اهتمت «مجموعة الشهداء» بملف العملاء لا سيما كبارهم الذين كانوا يمتلكون أسلحة نارية زودهم بها جيش الاحتلال، ولمعرفة المزيد عن شبكاتهم وتفكيكها حماية للمجتمع الفلسطيني منهم، والتحذير من أساليبهم الخبيثة في الإسقاط، وكذلك الحصول على ما لديهم من ترسانة أسلحة سواء في منازلهم أو في مواقع حراستهم للمستوطنات اليهودية أو سيارتهم خلال التنقل.
3- استشهاده:
واصلت هذه الخلية العمل في التحقيق مع العملاء وتصفيتهم وفضحهم ضمن عمليات محكمة دون أي أخطاء، إلا أنه وخلال محاولتهم تصفية أحد كبار العملاء «م. م» والمعروف بشكل رسمي بأنه عميل، تم وضع خطة لاعتراض سيارته خلال ذهابه إلى إحدى المستوطنات من أجل خطفه والاستيلاء على سلاحه.
ورغم سيطرة المجموعة التي كان يقودها أبو ندى على مقود السيارة وإيقافها، تمكن العميل من إطلاق النار من مسدسه تجاه أبو ندى، حيث استقرت رصاص في رأسه ليرتقي شهيداً في 3 مايو 1991م، ويتمكن العميل من الفرار منهم تاركاً خلفه سلاحاً رشاشاً من نوع «عوزي» «إسرائيلي» الصنع.
غنمت المجموعة هذه القطعة من السلاح وأجلت أبو ندى إلى مستشفى الأهلي العربي الذي يعمل به في محاولة لإنقاذ حياته، إلا أنه فارق الحياة في الطريق قبل الوصول إلى المستشفى، ليستقبله زملاؤه في المستشفى مضرجاً بالدماء، معلنين عن استشهاده، حيث كان آخر كلامه نطقه للشهادتين.
ونعت «كتائب القسام» بشكل رسمي، في بيان لها وعبر شعارات خطت على الجدران وعبر مكبرات الصوت، الشهيد غسان أبو ندى كأول شهيد تقدمه في مسيرتها الجهادية.
كان لهذه العملية الأثر الكبير على أفراد المجموعة وبخاصة الشهيد القائد عماد عقل الذي كان يتحرق شوقاً للحصول على السلاح وقتال اليهود.
وبعد توقف لمدة قصيرة، استأنفت المجموعة عملياتها في المنطقة التي كانت تعمل فيها وتمكنت من قتل 5 عملاء وإصابة سادس بجراح.