كان ذلك عنوان الندوة التي دعينا للمشاركة فيها مع الدفعة الثانية من معسكر الشباب التابع لوزارة الشئون الاجتماعية.
وفي الحقيقة، إن القائمين على هذا المعسكر من المتفهمين لحقيقة وضرورة توجيه الشباب خاصة إلى دينه الحنيف وإبراز جوهره حتى لا يكون هناك مجال للجوء الشباب إلى نظم بديلة لا تستطيع أن تحل مشكلاته أو أن تحمل عنه همومه.
ولقد أدار الندوة عبدالرحمن المزروعي مدير إدارة رعاية الشباب والنشاط الأهلي والذي يحرص دائمًا على مثل هذه اللقاءات المفيدة، خاصة وهو يتحمل عبء توجيه هذا النشء من الشباب العربي المسلم.
بدأ الندوة متحدثًا عن هذا المفهوم، ثم قدّم المتحدث الأول وكان الأستاذ طايس الحجيلي.
ولقد كان الحديث واضحًا خصوصًا الأمثلة الملموسة التي ساقها للتدليل على أن الإنسان يحتاج إلى تدريب وتنمية عقله مثلما ينمي جسمه ويعمل على تدريبه، وتساءل: ما المادة التي يجب أن تغذي الإنسان حتى يستقيم الجسم مع العقل؟ هل العلم؟ هل الفكر؟
كثير من أهل العلم والفكر فشل في تحمل أول صدمة تعرض لها في حياته.
لذا، فإن الدين الإسلامي هو الطريق الواضح الصادق الذي يستطيع الشباب أن يعتمدوه لكي يقودهم إلى السلامة وضمان حياة سعيدة مؤمنة هادئة بعيدة عن الصراعات النفسية، وآخرة تدعمها الحسنات.
وانتقل الحديث للأستاذ محمد أبو سيدو.
وأثار الأستاذ أبو سيدو قضية الحديث إلى الشباب وما يمكن أن يقال له خصوصًا في عصرنا هذا الذي التبس علينا فيه الليل بالنهار والحق والباطل، وأصبحت القاعدة أو المقياس غير واضح.
واستعرض قصة الشباب عبر الأجيال والتاريخ مبرزًا دور الشباب المسلم، ثم تساءل: هل الشباب من يبلغ سن الخامسة عشرة أو الخامس والعشرين؟ وهل هو -الشباب- هوية خاصة يفاخر بها على غيره؟
ثم أورد ثلاثة تعاريف عن الشباب؛ إذ قال: الشباب في لغة أهل العلم والتربية هو الأوعية التي تنقل التراث.
وفي لغة العسكريين وأهل الحرب هم الدروع القوية التي تقف عند الحاجة لحماية البلاد.
وعند أهل الاقتصاد هم الأرصاد المخبوءة التي تظهر عند الحاجة.
وقد دلل على ما تقدم أن جميع القطاعات في كل المجتمعات تعتمد دائمًا على الشباب وأنها بحاجة إليه، إلا أن الشباب هو الآخر بحاجة إلى من يرسم له الطريق الواضح البين.
وتطرق الأستاذ أبو سيدو إلى قصة سيدنا إبراهيم الشاب الذي تحدى أباه وقومه، والنبي يحيى الذي أوتي الحكم صبيًّا شابًّا.
وانتقل بعد ذلك إلى الدورتين اللتين يرتبط بهما الشباب خاصة وهما الدورة الأرضية، وهي ارتباط الإنسان بالأرض من الناحية المادية، ثم الدورة العلوية، الارتباط بالسماء من الناحية الروحية.
وبيّن ضرورة التوازن بين الدورتين وبين المطالب المادية وكذلك التكييف العقلي والروحي.
وختم حديثه قائلًا: إن الإسلام يضع تلك الحقائق لرحلة العمر للإنسان لحياته بعد الموت.
وأورد أمثلة سريعة لتثبيت المعاني السابقة.
توالت بعد ذلك مجموعة من الأسئلة كان أبرزها:
1- هل لبس الذهب حرام أم حلال؟
وهل يشمل التحريم أيضًا «البلاتين»؛ أي الذهب الأبيض؟
2- هل المسباح بدعة؟
ثم السؤال الدائم في كل ندوة:
– هل إطالة الشعور عند الشباب حرام أم حلال؟
وقد تعاقبت الردود بين الأستاذين أبو سيدو، وطايس؛ مما أراح الشباب وطمأن نفوسهم.
وفي ختام الأسئلة أثار الأستاذ المزروعي قضية مهمة؛ إذ قال: في الحقيقة جال في خاطري موضوع كنت أود الحديث فيه، بل وأن يُطرَق من قِبلكم وهو:
برغم العقوبة الشديدة، فإن الجريمة كثرت بالكويت بصورة أبشع.. ترى ما الأسباب؟
وعلق الأستاذ طايس بأن الدولة تتحمل العبء الأول بإطلاقها وسائل الإعلام دون ضبط ولا ربط، وكذلك عدم الإشراف على العاطلين، إما بترحيلهم أو بإيجاد العمل الملائم لهم مما يحفظهم من الزلل والوقوع في الجريمة، والشيء الأخطر هو عدم الاهتمام بالدين كقاعدة تقهر كل دوافع الشيطان.
وختم تعليقه قائلًا: جيل تربى على جفاف بالعقيدة حري أن يُقدِم على الجريمة.
واشترك الأستاذ أبو سيدو في الحديث فحلل نفسية المجرم، وأوضح العداء الأزلي القديم بين الشيطان والإنسان، وانتهت الندوة بالدعاء أن يجعل الله القوم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه(1).
_________________________
(1) منشور في العدد (114)، 12 رجب 1392هـ/ 22 أغسطس 1972م.