يجب أن نقدم التحية هنا، لكل من استيقظ ضميره وأصدر حكماً في سهرة 30 يونيو وورقة تمرد وآخرهم السيدة الحرة عايدة سيف الدولة
بينما يستعد الشعب الواعي لانتفاضة 3 يوليو في طريقه المبدع لإسقاط الانقلاب، مازالت تدور رحي المعارك الكلامية لنخب سهرة 30 يونيو الحمراء حول قضية الشرعية الدستورية، وتحديداً حق الشعب في عودة الرئيس “محمد مرسي” لمهام عمله ولو حتى كمفتاح لحل شامل وعادل، وهي معارك تبدو كخطاب أمل زائف لناتج سهرتهم المزعومة التي عزف عليها الانقلاب العسكري الغاشم أنغام غدره الدموي، وهنا الأزمة بعد المشاركة في الجريمة.
أزمة نخب سهرة 30 يونيو – والعبارة لـ د. سيف عبدالفتاح – أنه بعد فشلهم في تحقيق أي مطلب من ورقة تمرد، سوى المساهمة في تنفيذ الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب، يواصلون تلك المساهمة الجريمة، برفع لافتة مناهضة الشرعية من داخل معسكر العائدين – هكذا يبدون – إلى مربع الثورة بعد تمرير الانقلاب والثورة المضادة، وذلك قمة الانقلاب.
لدى كثيرون شكوك واسعة تتزايد كل يوم، وتندفع إلى مربع الحقائق، لتعلن أن كل متجاوز للشرعية ولو حتى كمفتاح للحل، هو انقلابي مستتر، فأمارة رفض الانقلاب هي احترام الشرعية للخاسرين لاستحقاقات تكوينها الديمقراطي فضلاً عن دعمها للمؤيدين له، وإلا قولوا لنا واحكوا لنا عن أي خبل لرفض الشرعيات هكذا في تاريخ مقاومة الانقلابات، فاليسار الذي فقد ابنه رئيس تشيلي الشرعي المنتخب في انقلاب الأمريكي العميل “بونيشيه”، لم يتخلَّ عنه ولم يذكر التاريخ مثل هذا “الهجص” الذي يدور حول “مرسي” وباقي مكونات الشرعية، من نخب لا تريد الفصل بين أشخاصها وفشلها والوطن وحتمية إنجاحه.
في هذا الإطار، هل يمكن أن نفهم مقالات وحيد عبدالمجيد الأخيرة بحق “جبهة إنقاذ العسكر”، هكذا التسمية الأدق، بما فيها من إشارات واضحة عن تفسير واضح للتعامي المتواصل عن حقوق الشعب من البعض الذي دفعه فشله للانتقام من التلميذ المتفوق عليه بالتحالف مع بلطجية الفصل؟ وهل يأتي وقت يعترف فيه منظرو السهرة بأنها باتت سهرة حمراء بعدما تخضبت بدماء المصريين المناهضين للانقلاب؟ وهل تتواصل المراجعات السياسية والضميرية لإقرار الرفض الكامل للانقلاب من النخب المتعامية التي شاركت في السهرة؟!
يجب أن نقدم التحية هنا، لكل من استيقظ ضميره وأصدر حكماً في سهرة 30 يونيو وورقة تمرد وآخرهم السيدة الحرة عايدة سيف الدولة، التي وصفت ما حدث بـ”الأكذوبة الكبرى”، وأعلنت ندمها على مشاركتها في تلك السهرة، وهي تحية خالصة للوطن، ستستمر طالما استمرت صحوة الضمير.
ويجب أن يعي الجميع أنه بعد عام كامل من دفاع تاريخي للشعب المصري عن حريته وإرادته وهويته وثورته، أن أي حديث بعيد عن استرداد الثورة ومكتسباتها وفي مقدمتها الشرعية الدستورية، حرث في الماء، وضجيج بلا طحن، وسيركله الثوار الذين باتوا يؤمنون أن ذلك الحديث المخادع هو في حقيقته مسكنات لسرطان “الانقلاب” الذي يجب استئصاله قبل أن يدمر الوطن، ويجعل الوطن في مهب ريح أي لئيم كذاب أشر.
لن تقبل الثورة بمسارات استحمار مجدداً، وجدال استغفال مرة أخرى، وهناك فرق بين الأخطاء السياسة التي اتضح للجميع أنها جزء من مؤامرة الإفشال التي دبرت للثورة، وما نتج عنها وارتكبها الجميع بقصد أو بدون قصد، وبين الجرائم الممنهجة التي ارتكبها “السيسي” ومليشياته ولم تواجه حتى الآن بحساب عادل أو تتوقف نزولاً على إرادة الشعب ونداء العقل.
دعونا نؤكد أنه في قطاع العائدين من سهرة 30 يونيو رموز إيجابية رفضت الباطل والظلم والاستكبار، وصدقت عودتهم الخالصة للوطن ثم للمبادئ، وعلى هؤلاء يجب أن تعول الجبهات الثورية، ولا تنجر وراء الانقلابيين المستترين، ففي ذلك إضاعة للوقت، وتحليق وراء السراب، فهؤلاء المتخفين وراء شعارات الثورة يزرعون في صفها المناضل حقول ألغام تحت أكاذيب شتى.
إن قضيتنا هي قضية استرداد ثورة، وحرية وطن، وإرادة شعب معطلة، وتحرير سلطة مغتصبة، وإعطاء الحق لأصحابه، والحفاظ علي مصر دولة لا معسكر، مدنية لا فاشية عسكرية، عربية لا غربية، إسلامية معتدلة لا علمانية متطرفة، وليس قضية كرسي زائل ولا صراعاً نخبوياً، ولن تكون، ويبقى الاعتذار واجباً على نخب السهرة الحمراء التي استخدمها العسكر في مؤامرة ضد ثورة 25 يناير ومكتسباتها، أو أن تعترف باستمرارها في خدمة الانقلاب ولكن عليها أن تنتظر مصيرها، فالتاريخ يؤكد أن آخر خدمة الغز علقة!
ثوروا تسعدوا.. واصطفوا تنتصروا.. وأبشروا بتحرر الأوطان.
(*)منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح