أنا الإنسان الذي خلقه ربه ليعبده، وليجعله خليفة في الأرض،
أنا الإنسان الذي خلقه ربه ليعبده، وليجعله خليفة في الأرض، أنا الذي كرّمه الله وأحسن خلقته، أنا أخوك الإنسان، فكلنا من آدم، وآدم من تراب، هل تستشعر حقيقة هذه المعاني؟! هل يثيرك ويخيفك هذا الدم المسفوك ظلماً وعدواناً في كل بقاع المعمورة؟!
قال النبي ﷺ: “لَقَدْ شَهِدْت فِي دَارِ عَبْدِاللّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبّ أَنّ لِي بِهِ حُمْرَ النّعَمِ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلامِ لأَجَبْت”.
حلف الفضول هو حِلف النُّصره للإنسان المظلوم من أي أرض، ومن أي دين، ومن أي عرق، هكذا يخبرنا نبينا ﷺ أن للإنسان قيمة، لأنه إنسان.
فهل لنا حلف كحلفهم، وغيرة كغيرتهم، لا تظن أني أخاطب المنظمات الدولية والدول الكبرى! لا والله، فأنا أخاطبك أنت أيها الإنسان بما حباك الله من رحمة تملأ قلبك، وحباً يطرق وجدانك، أخاطب فطرتك السليمة، التي تقودك للخير والصلاح.
في ظل كثرة الأحداث والمشكلات التي تحصل ضد الإنسان كيفما اتجه، فإنه يستلزم تحديد أولويات العمل والثغور الواجب تغطيتها وعدم الاكتفاء بمكان واحد أو جهة واحدة لتقوم بهذا الدور؛ مما يجعل عملنا الإنساني مكتملاً.
لا أظن مسلماً لا يهتم بالإسلام والمسلمين مصداقاً لقول حبيبنا محمد ﷺ: “من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”، ولكننا نختلف بشكل كبير حول الأولويات الخاصة بما يجب أن نهتم به، والعمل المترتب على تلك العلاقة، مما يستوجب أن ندرك ذلك جيداً.
أرسلت رسالة لأحد الإخوة عن الأحداث التي تحصل في أفريقيا الوسطى من قتل وتشريد للإنسان بسبب قوله: “لا إله إلا الله”، فتفاعل ذلك الأخ مع الرسالة، وعبَّر لي عن ألمه الشديد تجاه ما يحدث هناك من أحداث، لكنه أرسل لي سؤالاً أحببت أن نتشارك معاً في إجابته، لأنه لا يعنيه فقط، وإنما هو سؤال لنا جميعاً وعلينا أن نعرف إجابته، وندرك مآلاته؛ لأن ذلك سيساهم بشكل كبير في تجردنا عن ذواتنا وأهوائنا والتزامنا بالقيم التي أمرنا بها الله تعالى في كتابه وفي سُنة نبيه.
سألني أخي فقال: لقد تكاثرت علينا المصائب ولم نعد نعرف أي الجراح نضمّد، ولأيها نتجه؟!
فقلت له: يا أخي، إن الاهتمام بقضايا الأمة الإسلامية من الواجبات في ديننا؛ لما لها من أثر واضح في قضية الولاء والبراء، وانعكاسها على الدور المطلوب على كل شاب وفتاة بل وكل فرد في بلادنا العربية والإسلامية.
وهنا طرأت عندي تساؤلات ربما قالها غيري، وهي:
هل اهتمامنا بما يحدث لإخواننا في سورية من قتل وتشريد هو نفسه ذلك الاهتمام بقضية إخواننا المسلمين في فلسطين أو بورما أو في أفريقيا الوسطى أو في غيرها من البلدان التي ابتلاها الله؟
هل الدعم والمساندة الذي تحوّل إلى أن يسافر الكثير لمد يد العون والمساندة لإخواننا هناك في سورية، هم أنفسهم سيساهمون بنفس الأمر لو كانت الحادثة في أي بلد آخر؟!
عندها ستعرف موقعك، هل اهتمامك بالمكان، أم بالإنسان؟!