خطوات لنكون من الشاكرين نحن والأبناء
{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ”66″} (الزمر).. شهر العبادة والصيام والقيام سنعيشه هذا العام مع أبنائنا بشكل مختلف، سنعيشه ونحن من الشاكرين؛ الشاكرين اعتقاداً والشاكرين عملاً والشاكرين عبادة، نحن لسنا حامدين فقط بل سنصل لدرجة الشاكرين، هذا هو طموحنا هذا العام.
سنكون من الشاكرين قولاً وعملاً وعبادة ببرنامج ومخطط نعيشه في بيوتنا كل يوم بل كل دقيقة من يومنا لنحول الحمد إلى شكر، ونحول القول إلى عمل وعبادة، لسبب واحد بسيط أنه لا يوجد مرحلة وسطية في الشكر، فقد قال تعالى: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)}(لإنسان).
خطوات لنكون من الشاكرين نحن والأبناء:
1- نِعَم وليس مُسلَّمات: ماء نظيف، فراش وثير، طعام دافئ، أشياء قد نشعر بها ويشعر بها الأبناء على أنها مسلمات، وهي في الحقيقة نِعَم عظمى اختصنا بها الله تعالى، وحتى نكون من الشاكرين علينا أن نشعر بها، نحافظ عليها وننميها، ليسمعك صغارك وأنت تحمد الله على فراشك النظيف عندما تأوي للنوم، علّمهم أن يقولوا: الحمد لله، عندما يضعون رؤوسهم على وسائدهم، علِّمهم المحافظة على الماء والكهرباء، دعْهم يرونك وأنت تقتصد في استخدام مكونات طعامك، علمهم أن يضعوا الماء والطعام للطير ويقدموا المساعدة بكل أشكالها للمحتاجين والعمال في الطرق أو المساجد وبقدر المستطاع، علمهم أن يشعروا بمتعة الشعور بالنعم التي تحيط بهم من ماء دافئ يلامس جلودهم عند الاستحمام، وملابس ناعمة تغطيهم.
القائمة كبيرة، وكل ما نحتاجه هو أن نبدأ بالعمل على أن نشعر بالنعم ونحمد الله عليها بشكل عملي، فعدم الشعور بالنعم ابتلاء، ولنستمع لقول سيدنا سليمان عندما رأى نعمة الله عليه: { قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ”40″}(النمل).
2- رمضان شهر العبادة والتواصل، التواصل مع من نحب ومن نعز، والتواصل هو تطبيق عملي لحمد الله على نعمة الأهل، وشكره على أنه جمع لنا من الناس حولنا من نحب، وأعاننا على برهم، فلا تبخل على هذه النعمة بشيء.
اجمع أسرتك حولك في الفطور والسحور وفي فترات الذهاب للمسجد، افتح بيتك لوالديك وللجد والجدة والأعمام والأخوال ولأبنائهم، علِّم صغارك التواصل معك أولاً ومع أقربائهم وأصدقائهم، دعهم هم من يقوم بتقديم الأطباق للجيران والأقرباء، اتصل وتواصل مع الناس، ولا تنسَ أن صغارك كاميرات مراقبة تسجل وتخزن ما تقوم به ليتبنوه ويقوموا به لاحقاً عندما يتقدم بهم العمر؛ { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”14″}(لقمان).
3- التسامح نعمة علينا أن نحمد الله ونشكره عليها، فهي تنجينا من سواد القلب وعلل الجسد، عندما نغضب ونكره ونحقد ستنتقل عدوى الكره إلى الصغار، بل قد تسرق منك وقتك ومتعتك مع أبنائك، وقد تكون هذه المشاعر موجهة لأقرب الناس لنا، ربما زوج، زوجة، عم، خال، أقرباء، أصدقاء، لنبدأ هذا الشهر بروح التسامح على القدر الذي نستطيعه، والتسامح لا يعني أننا نقر بما فعلوه، ولكنه نوع من الترفع عن صغار الأمور، وهو نوع من الشكر على نعمة الصحة التي ربما يقضى عليها الكره والغضب، وهو نوع من الشكر لنعمة الوقت الذي قد يضيع في سواد الأفكار السلبية ونوايا الانتقام.. تخيل الغضب سفينة تحملك في بحر تعلوه أمواج الغضب، من سينجيك منها؟ ومن يستحق الشكر؟ { قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ “63”}(الأنعام).
4- الإيجابية والتفاؤل والسعادة كلها مشاعر تحولك لشخص مختلف، شخص يرى جمال خلق الله فيما حوله، ويحول الابتلاء إلى نعم والنعم إلى إبداعات، يجذب من حوله له، ولا ينفِّرهم منه، يبدأ كل يوم على أنه يوم جديد، يشكر الله على هبته؛ ليزداد إيماناً وعملاً وشكراً.
والإيجابية هي شكرٌ لله تعالى على أن وهبك نفساً تواقة للأفضل، تخيل أن هذه شخصيتك ما بين أبنائك؛ فهل سينفرون ويعصونك، أم يقتربون منك ويحبونك ويطيعونك ويقلدونك؟ وبدلاً من أن يكون لدينا إنسان إيجابي واحد، سيكون لدينا أسرة إيجابية تغير ما حولها للأفضل، رمضان ليس عذراً للكسل والتجهم والنوم، فالعبادة هي العمل، والعبادة أن ترى أنك خُلقت لسببٍ عليك أن تقوم به بأفضل ما تستطيع؛ ومن ثَمَّ تحب نفسك كما هي؛ { رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ “19”}(النمل).
إذن المسألة هي شكر وعمل صالح، ومن ثم صلاح للأبناء لنكون مع مسالك المسلمين.
وفي النهاية: { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ “40”}، ولنتذكر أن الأبناء هم أنفسهم نعمة نحمد الله قولاً عليهم، ونشكره بكلمة صادقة تنير دربهم، وبلمسة يد حانية تضعهم على بداية الطريق الصحيح، وبابتسامة ود تجمع بين قلوبنا وقلوبهم، وبحب واعٍ يهذب نفوسهم.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وتقبل الله طاعتكم.. آمين.
(*) كاتبة كويتية.