محرقة اليوم تختلف عن محرقة “الرصاص المصبوب
في العاشر من رمضان ذكرى أول انتصار عربي على الكيان الصهيوني (عام 1973م)، يتابع العالم وقائع محرقة صهيونية جديدة في غزة، في محاولة لتحويل ذكرى الانتصار العربي الوحيد إلى يوم هزيمة.. رسالة يريد الكيان الصهيوني أن يقول من خلالها: “من أشد منا قوة؟!”.
محرقة اليوم تختلف عن محرقة “الرصاص المصبوب” (27/12/2008م – 18/1/2009م).. فقد كان الطرف العربي لديه بقية من نخوة فسمح للحركات الشعبية لتتظاهر وتحتج وتحاول إرسال مساعدات للمنكوبين.. يومها كان نظام “مبارك” قد أكمل تنسيقه مع الكيان الصهيوني، وثبت بعد ذلك أنه كان شريكاً أساسياً في العملية بالتعاون مع “محمود عباس” وسلطته.. فقد فضح “ساركوزي”، الرئيس الفرنسي السابق، “مبارك” عندما قال: إن “مبارك” قال له: “حماس يجب ألا تنتصر في هذه الحرب”! وأغلق نظام “مبارك” معبر رفح؛ بحجة الحفاظ على الأمن القومي، ولم يفتح هذا المعبر إلا بضغوط شعبية شديدة.. يومها لاذ الغرب، وخاصة “البيت الأبيض”، بالصمت المجرم؛ انتظاراً للقضاء على الضحية.. لكن غزة خرجت من تلك المحرقة أقوى مما كانت، وباتت “حماس” أكثر استعصاء علي الاجتثاث ، وفشل الصهاينة.. لكنهم لا ييأسون طالما أن قائمة العملاء طويلة وعلى أتم الاستعداد للمساعدة!
واليوم تجري محرقة العاشر من رمضان والأجواء أكثر من مواتية للصهاينة خاصة على الجانب المصري، فكل الوطنيين الشرفاء باتوا مكبلين، وحركة الإخوان والإسلاميون عموماً – الداعم الشعبي الكبير لأهل غزة والقضية الفلسطينية – باتوا في سجون الانقلاب، وسلطة الانقلاب أعلنت الإخوان و”حماس” جماعات إرهابية، وقام إعلام العار بشيطنة “حماس” والإخوان، ومازالت حملته مستمرة دعماً للمحرقة الصهيونية.. بوابة رفح مغلقة.. والأنفاق مدمرة، بل وسيناء تم تدمير مقوماتها بعد حملات القصف والدهم التي تواصلت ضد أهلها على امتداد سنة الانقلاب الغبراء.. الصوت الشعبي الهادر الذي كان يرج مصر بات مخنوقا بل إن مساجدها باتت محاصرة بترسانة قوانين وتعليمات تحد من حيويتها وتحاول إطفاء جذوتها .. بعد أن تم إغراق الشعب في بحار من نار الأسعار المشتعلة ..إذاً.. الجانب المصري – حيث أكبر بلد عربي – بات مؤمَّناً تماماً ضد غزة ولصالح الكيان الصهيوني.. والأيام القادمة ستثبت كيف سيكون موقف نظام الانقلاب مِنْ تلك المحرقة؟
أما موقف النظام العربي فلا يستحق التوقف عنده طويلاً، فقد ماتت البقية الباقية من نخوته، ولم يعد هناك إلا نعيق بوم الشؤم التي تنادي مطالبة برجم “حماس” والخلاص من غزة أو تسليمها لـ”دحلان”.
لقد تبدلت المواقف والمواقع؛ فبات العدو الصهيوني صديقاً يتم الوقوف في خندقه، وباتت حركات التحرر الوطني شيطاناً يجب التخلص منه!
لكن غزة ستظل صامدة ولن تموت.. و”حماس” ستبقى مقاومة ولن تنكسر بإذن الله.