حرص “عبدالفتاح السيسي”، قائد الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتَخَب، على احتكار مفاتيح السماء والذخيرة، منذ إعلان بيان الانقلاب في 3 يوليو 2013م، فجمع بين الثيوقراطية والفاشية العسكرية معاً، فلا أقام الدنيا ولا أقام الدين، ولا بدل الوضع ولا قدم ا
حرص “عبدالفتاح السيسي”، قائد الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتَخَب، على احتكار مفاتيح السماء والذخيرة، منذ إعلان بيان الانقلاب في 3 يوليو 2013م، فجمع بين الثيوقراطية والفاشية العسكرية معاً، فلا أقام الدنيا ولا أقام الدين، ولا بدل الوضع ولا قدم البديل، وأفسد في مصر وعاث فيها تقتيلاً.
فالرجل مؤمن إيماناً كاملاً بأهمية احتكار مفاتيح السماء، والثيوقراطية كحكم الكهنة الذين ظنوا أن سلطتهم مباشرة من الله، فهو يستعين برجال الدين في صنع مشهد الانقلاب، ويريد أن يقول: إنه يسير في كل ما يرضي الله، فينطق بالحقيقة ويقول: إنه يسير في كل ما يغضب الله، ثم يتحدث في حوارات الترقي لمنصبه الجديد عن أنه صاحب الحق في حماية الدين، وأنه رسول الفتح المبين لتحرير الدين من الناس “الوحشين”، ووصل به الحد بالأمس أنه اتهم من عارضوه في رفع الدعم والأسعار بأنهم لا يعرفون الله عز وجل، ألم يكن يبكي في الصلاة وزوجته منتقبة ويحفظ كتاب الله، أو هكذا قيل ليُصنع منه رجل دين مزيف في وقت سابق؟!
الرجل – كذلك – لم يتخلَّ منذ اللحظة الأولى لمخطط العسكر الفاشي لمحو ثورة 25 يناير، سواء في زي “الطرف الثالث”، أو في زي “الانقلاب العسكري”، عن احتكار مفاتيح الذخيرة، وهو أمر مناهض للقواعد العسكرية، وبات ذلك الاحتكار الخطير الذي انحرف بالبندقية المصرية عن أهدافها وإستراتيجياتها ومواقعها، طريقاً ثابتاً معه، أراق به بمساعدة عناصر الانقلاب ومليشياته دماء آلاف المصريين من الثوار والشعب والشرطة والجيش ضمن مخطط فاشي جهنمي تتضح صورته يوماً بعد يوم.
“السيسي” – هنا – هو امتداد للحكم العسكري، الذي فشل على مدار 60 عاماً في مصر، وقاوم الحكم المدني ومناخ الديمقراطية والحرية في عهد الرئيس “محمد مرسي”، وهو تجسيد حقيقي للتطور الطبيعي للفشل العسكري في الحكم، فإدارة دبابة أو معركة غير إدارة دولة واتخاذ قرار سياسي، واحتكار الحديث باسم الله جريمة.
لقد اتضحت حقائق عدة مع استمرار العسكر في ذلك الاتجاه، في مقدمتها الموقف الحقيقي للنخبة اليسارية والليبرالية والأمنجية، الذين تاجروا كثيراً بمحاربة الثيوقراطية والفاشية العسكرية، ثم تزوجوا منها سراً وأعلنوا ذلك العار مع الانقلاب دون أدنى استحياء، والموقف الحقيقي للتيار الإسلامي الذي يرفض الثيوقراطية والفاشية العسكرية قولاً وعملاً، وهو ما ظهر في مقاومته لتلك الجريمتين سواء في تجربة العسكر الأولى في زي الطرف الثالث أو في تجربتهم الثانية في زي الانقلاب العسكري.
لقد ظن “السيسي” ومجموعته العسكرية – ظن الغرور – أن ميوله الثيوقراطية قد تصنع شيئاً مع شعب متدين بطبعه في وطن تحميه تكبيرات المآذن وتدوي فيه أجراس الكنائس، تتردد في أرجائه مقولة مكرم عبيد باشا: “نحن مسلمون وطناً ونصارى ديناً”، وخاب ظنه ومجموعته كذلك في أن الفاشية العسكرية تصلح مع شعب مناضل أبي لا يقبل الضيم والظلم، والواقع يشهد بذلك.
آن الأوان لترحل دولة الضباط.. ويسقط حكم البوليس والمخبر.. ويتوقف حكم العسكر، فمصر دولة مدنية حديثة لن تتنازل عن هويتها ولن تتحول لمعسكر، ولن تفرط في حقوقها وإرادتها وثورة 25 يناير ومكتسباتها وأهدافها، ومن لا يصدق فلينتظر مشهد النهاية لهرطقة الانقلابيين، وهو ليس ببعيد، وما ذلك على الله بعزيز.
اصطفوا تنتصروا.. وأبشروا بتحرر الأوطان.