يواجه معظم الشباب المسلم في الدول الغربية أمواجاً متلاطمة من الاغتراب ورفض الآخر والتحرر غير المحدود؛ الأمر الذي يدفع البعض إلى الابتعاد عن الدين والانجرار إلى الرذائل، وربما على النقيض تماماً يتجه البعض الآخر – إلا من رحم الله – إلى التطرف والغلو في الدين والانضمام إلى المنظمات الإرهابية.
وللوقوف على حقيقة تعايش المسلمين مع الغرب، وتوفير حاضنة لبيئة إسلامية وسطية للشباب المسلم، كان لنا هذا اللقاء مع عبدالحميد جواد، رئيس منظمة «اتحاد الشباب المسلم الكندي»، وفيما يلي نص الحوار:
* بداية، حدثنا عن منظمة «اتحاد الشباب المسلم الكندي» وأهدافها؟
– تأسست منظمة اتحاد الشباب المسلم الكندي على يد نخبة من الشباب المسلم المثقف في مايو عام 2011م؛ وذلك لتحقيق عدد من الأهداف المتنوعة، منها خدمة الشباب المسلم والفتيات المسلمات وربطهم بدينهم الإسلامي الحنيف، والمحافظة على التراث والهوية الإسلامية من الاندثار والتلاشي من دون إفراط أو تفريط؛ لأن الدين الإسلامي دين الوسطية والتسامح والتعايش بين الشعوب والأمم والانفتاح على المجتمعات.. والشباب هم كنز الوطن المخبوء، ويده القوية في البناء والتنمية، وما من أمة على وجه الأرض إلا وتتعهد هذا الغرس الطيب بكل ما أوتيت من إمكانيات، وتقومه بتعاليم الدين الحنيف؛ لأن الحصاد لابد آتٍ، فإما الغلال الوفيرة والثمار الطيبة، أو الشوك والصبار، وحصاد السوء.
أنشطة وفعاليات
* ما أبرز أنشطة منظمة اتحاد الشباب؟
– تعمل منظمة اتحاد الشباب المسلم الكندي على التنسيق بين الشباب المسلم والتفاهم والتعايش السلمي مع غيرهم من الشباب، وعقد المؤتمرات والندوات العلمية والثقافية من أجل تبادل الأفكار والخبرات، والاهتمام بالاحتفال بالأيام الدينية للمسلمين، والأعياد الوطنية الكندية المقبولة، علاوة على العمل على دمج الشباب المسلم الجديد القادم إلى كندا، وتقديم المعلومات الضرورية التي تخص أمورهم الدينية والتعليمية والاجتماعية، وتنظيم البرامج التربوية الصيفية للشباب، ونشر وتوزيع الكتب الثقافية الإسلامية على الشباب لتعريفهم أكثر بدينهم وتراثهم، وأيضاً ننظم دورات لتحفيظ القرآن الكريم واللغة العربية والعلوم الإسلامية، وبالطبع لا ننسى شهر رمضان الكريم؛ حيث ننظم إفطاراً جماعياً، كما نقوم بالترويج والتعريف بالإسلام عن طريق كتيبات نوزعها على المارة في شوارع كندا.
تداعيات «شارلي إبدو»
* بعد هجمات «شارلي إبدو» في فرنسا، كيف ينظر المجتمع الكندي للمسلمين؟
– وفقاً لتعداد عام 2001م في كندا، وصل عدد المسلمين إلى 579.640 مسلم في كندا؛ أي قرابة 2% من عدد السكان، وأشارت تقديرات في عام 2006م إلى أن عدد السكان المسلمين يقارب 783.700 أي نحو 2.5%، ويزيد هذا العدد في الوقت الحالي على هذه الأرقام، لكن ليس لدي إحصائية حديثة بأرقام محددة، وما قصدته بهذا السرد قبل الإجابة عن السؤال هو عرض تعداد المسلمين لأوضح أن عددهم في ازدياد؛ وهو ما يعني أن الشعب الكندي شعب ودود بطبعه يحترم الحريات خصوصاً الدينية ويتعايش مع الآخر أياً كان جنسه أو ديانته.
وبالتالي لم تؤثر علينا هذه الحادثة على الإطلاق، بل على العكس؛ قد زادت من إقبال الكنديين للتعرف على الإسلام وسماحته، وننظم على الدوام لقاءات للتعريف بالإسلام، وعلاقاتنا بالسلطات الكندية طيبة للغاية، لكن بالطبع هناك بعض التصرفات الفردية المناهضة للإسلام بعد هذه الحادثة، إلا أنها أحداث محدودة للغاية لا تكاد تُذكر؛ لذلك لا نلتفت إليها ولا تؤثر على علاقاتنا الطيبة مع أصحاب الديانات الأخرى.
* وما نظرتكم أنتم لهذه الحادثة وأسبابها؟
– بالطبع إننا ندين الرسوم المسيئة للرسول الكريم ولرسل الله أجمعين ولا نقبل به، وندين في الوقت ذاته التطرف والتشدد أياً كان والعنف مهما كان، وما تعانيه أمتنا اليوم من إحباط ويأس وويلات ناتجة عن إقصاء الشباب أو انشغالهم عن شؤون الأمة العظيمة بشؤون صغيرة أقرب إلى التفاهة، وأبعد ما تكون عن روح الحياة الحرة الكريمة، وهذا أمر مؤسف للغاية، ومؤشر بالغ الخطورة على ما ينتظر الأمة في مستقبلها القريب والبعيد على حد سواء! لذلك فإن أمتنا ومجتمعنا اليوم أحوج ما تكون إلى جهود العاقلين المخلصين من شبابها؛ لأن الشباب وحدهم القادرون على حمل بشائر التفاؤل والأمل إلى الصدور، والاستمرار في مواجهة الأخطار والمحن المحيطة بهم من كل حدب وصوب.
التحصين من التطرف
* هل من حلول لتجنب جنوح الشباب للتطرف؟
– المجتمعات الإسلامية تحتاج إلى بذل طاقات عظيمة لإحياء الإيمان في نفوس الشباب، وإشعار المسؤولين عن الشباب وبذل الجهود لصرف الشباب عما يضرُّ دينهم وأخلاقهم؛ وذلك عن طريق عدة محاور، أولها تربية الشباب على العيش في ظل رسالة سامية، وتحصينهم بالعلم والإدراك، والعمل على توفير البدائل الجيدة التي تملأ الفراغ، الذي يدفع الشباب إلى السقوط في الانحرافات الأخلاقية، وفتح المجال أمام الشباب للمشاركة وعرض الرؤى في مشروع نهضوي إصلاحي متكامل، يستوعب طاقاتهم.
* وماذا عن المرأة المسلمة في كندا؟ وهل تعاني أي مضايقات؟
– المرأة المسلمة في كندا تتمتع بحرية تامة، وتزاول أنشطتها بكل أريحية سواء في عملها أو أثناء شراء احتياجات منزلها، فالمجتمع الكندي بطبيعته يتقبل الآخر ويحترم الأديان كما نص دستور البلاد، وفي منظمتنا نولي أهمية خاصة للمرأة؛ فهي تمارس دوراً حيوياً ورئيساً في تنمية المجتمع وتطوره؛ من خلال مشاركتها في المؤسسات الأهلية، ويتمثل النشاط الأهلي للنساء في أنماط متعددة، من أقدمها وأكثرها شيوعاً الجمعيات الخيرية النسائية، وهي الجمعيات التي ترتبط بالبر والإحسان.