علي بطيح العمري
مع أن فلسفة العيد تختلف من شخص لآخر، لكن يظل العيد فرصة لاحتضان السعادة واعتناق الفرح في كل مساراته الدينية والدنيوية.
الفرح ليس بما نملك، وإنما بما تحتويه دواخلنا وعقولنا.. بعضنا يلبس الثوب الجديد يوم العيد، لكنه لا يجد الفرح، وبعضهم قد يرتدي الثوب المستعمل في يوم العيد، لكنه يجد فرحة العيد، وسعادة يوم العيد.
العيد فرح كبير يمتد ويتوسع ليشمل الصغير والكبير، الرجل والمرأة، والفرد والعائلة، ليس العيد أن يفرح الأب، وهو بعيد ولاهٍ عن أولاده وعائلته، وليس العيد لأم مشغولة بعالمها وصديقاتها، وأولادها بيد الخدم، وليس العيد أن تفرح بعيداً عن والديك فلا تشاركهم أفراح العيد.. يقول مصطفى صادق الرافعي في جانب من جوانب “فلسفة العيد”:
وليس العيد إلا التقاء الكبار والصغار في معنى الفرح بالحياة الناجحة المتقدمة في طريقها، وترك الصغار يلقون درسهم الطبيعي في حماسة الفرح والبهجة، ويعلِّمون كبارهم كيف توضع المعاني في بعض الألفاظ التي فرغت عندهم من معانيها، ويبصرونهم كيف ينبغي أن تعمل الصفات الإنسانية في الجموع عمل الحليف لحليفه.
كثيرة هي جماليات العيد وفلسفاته سواء على الجانب الديني أو الاجتماعي أو الثقافي، وفي مجتمعنا هناك سلوكيات وتصرفات اخترعها الناس، حتى صارت ظاهرة واضحة للعيان، بل ويتعدى أثرها وضجيجها إلى سلبيات تتنافى مع “جماليات العيد” الحقيقية ومعانيه العظيمة.
* ظاهرة طوابير الانتظار وبالأخص عند الحلاقين..
لا أدري من أدخل شرط أنك لا تتعيد إلا وأنت “محلق البارحة”! ولو حلق الإنسان قبل العيد بيوم أو يومين اتقاء للزحام وحفاظاً على الوقت هل يتعارض مع العيد؟ خاصة أن غالب الناس الذين سيقابلهم يوم العيد هم ذاتهم الذين تقابلهم في يومك!
* زحام الأسواق آخر أيام رمضان، ويبلغ أوج الزحام عندما تدق ساعة ليلة العيد، وهي ظاهرة تتكرر كل عيد وكل رمضان، كان بإمكان الناس شراء حاجياتهم قبل رمضان أو في أوله.
* نواصل ليل العيد، فلا يغمض لنا جفن، وبعد ظهر العيد تلقى القوم صرعى، ننام بقية النهار وربما إلى الليل!
قال أبو البندري – غفر الله له ولقرائه – وبما أن الفرح ورسم البسمة من جماليات العيد، فلا يعجبني ذلك الخطيب الذي يطل على الناس ببكائيات عن رحيل رمضان، أو يهوّن من أفراح الناس كمن يقول: ليس العيد لمن لبس الجديد! فتلك عادة عند بعض الخطباء مخجلة، ولا دليل من السُّنة على فعلهم!