قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. شفيق الغبرا: نعيش في واقع سريالي يقع في مكان ما بين الحقيقة والخيال. لقد مضى على الحرب على الإرهاب عقد ونصف العقد ولا يزال العنف ينتشر في اتجاهات متناقضة. اختلط كل شيء على المواطن العربي، وهو في هذا لم يعد يفرّق بين أنواع الإرهاب التي تحيط بحياته. فهناك إرهاب الجماعات غير الرسمية، وهناك أيضاً إرهاب الدول الذي نختبره عبر الانتهاكات الفاضحة والتعديات وسياسات العزل والاستثناء.
وأضاف في مقال له في الحياة اللندنية: إن غلق الطريق السلمية للتغيير والإصلاح في ظل سلوكيات «الدولة الأمنية» الغامضة والمفتوحة الصلاحيات هو السبب الأهم في الإقليم العربي لنشوء الإرهاب وتحوله إلى حال شائعة تخترق كل الفئات. فنحن أقل الأقاليم في العالم ديموقراطية وأقلها في ممارسة التقاليد السياسية الوسطية وأقلها مساءلة وشفافية، لكننا أكثرها ضعفاً أمام الغرب وأكثرها سعياً في الوقت نفسه إلى اقتلاع المعارضين الديموقراطيين عبر السجن والاغتيال السياسي وغلق وسائل الإعلام. ولهذا أصبحنا من أكثر الأقاليم فساداً.
وأوضح: في إقليم هذه حاله ليس غريباً أن ينتشر الإرهاب وتتعرض الدول والمجتمعات بفضل دولتها الأمنية الخفية لمحنة الانهيار. نحن نحتاج الحريات والديموقراطية قبل أن نحتاج حرباً جديدة على الإرهاب نفشل في مواجهتها وتدمر ما تبقى من عالمنا العربي.
وبيّن: عندما نتعرض لمسألة الإرهاب يجب أن تكون «الدولة المطلقة والأمنية» حاضرة، وذلك لأن هذه الدولة بطبيعتها، ومهما سعت إلى تخفيف تعدياتها وانحرافاتها، ستنتج أشكالاً من الإرهاب الذي يزداد عمقاً مع الوقت. تماماً كما أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط يجب أن تكون حاضرة عند الحديث عن الإرهاب الإسلامي، وذلك نسبة إلى السياسات الأميركية في الإقليم وفي فلسطين التي تساهم في حال الإرهاب.
وأكد أن «الحكم المطلق» ينتج إرهاباً، خصوصاً في ظل ارتفاع نسب التعليم وتراجع الإنجازات واختفاء الفرص أمام الشباب وتموضع الهويات. وينتج «الحكم المطلق» بصفته مالكاً لأدوات لا تقع تحت مراقبة مؤسسات منتخبة وبرلمانات شعبية وجهات تمثيلية، نزاعات الغد وحروباً أهلية جديدة. فكم من دولة عربية عميقة موّلت جماعات عنيفة نجدها وقد تحولت إلى القتال ضد من موّلها في ما بعد، وكم من دولة عربية أيدت جماعات من أجل تصفية حساب ضد دولة أخرى؟