نيسيم بهار
بلغت الممارسات القمعية لوزيرة العدل “الإسرائيلية” ذروتها مؤخراً؛ حيث توجهت هذه المرة نحو المنظمات الفلسطينية غير الحكومية.
وتعتبر آيليت شاكيد، ذات الـ39 سنة، الشخصية الأقوى في الحكومة “الإسرائيلية”؛ حيث فاقت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سطوةً ونفوذاً، وهو ما عززه تسلقها لهياكل حزب “البيت اليهودي” لتصبح الشخصية الثانية بعد رئيسه نافتالي بنيت.
يذكر أن آيليت هي أم لعائلة علمانية، وقد انطلقت مسيرتها السياسية مع حزب يعتبر من أكثر الهياكل اليمينية تطرفاً.
وكان تعيين شاكيد على رأس وزارة حساسة قد واجه استخفافاً من قبل قضاة ومحامين اعتبروها مجرد “حسناء غبية” لا تعدو أن تكون ناطقاً رسمياً باسم رئيس حزبها، غير أن هذه الظنون اصطدمت بواقع أثبت مجانبتها للحقيقة.
من جهتها، لم تتوان وزيرة العدل “الإسرائيلية” في تشديد التشريعات “الإسرائيلية” القمعية بمجرد توليها منصبها؛ حيث نجحت في إقناع الكنيست بالتصويت على مشروع قانون يرفّع من العقوبات المسلطة على أطفال الحجارة لترتفع أحكام السجن من 8 إلى 10 أو 20 سنة ويصبح مجرد حمل الحجارة كافياً لإدانة صاحبها.
غير أن هذه الإجراءات تعتبر هيّنة بالمقارنة بما تحمله الأجندة القمعية لآيليت شاكيد من مفاجآت؛ من قبيل مشروع القانون الخاص بالمنظمات الفلسطينية غير الحكومية الذي نجحت في حمل إحدى اللّجان الحكومية المختصة، على تبنّيه يوم الإثنين الماضي.
ويستهدف هذا القانون الجمعيات الإسلامية ذات الطابع الخيري بكل من الضّفة الغربيّة والقدس الشرقيّة والمستوطنات “الإسرائيلية”، بتعلّة تمويلها للتنظيمات الفلسطينية المسلحة من قبيل حركة حماس والجهاد الإسلامي والهياكل “الإخوانية” حسب تعبيرها.
وبمجرد أن يتبنى الكنيست مشروع القانون هذا سيواجه “المتواطئين مع الإرهاب”، حسب اعتباره، أحكامًا بالسجن تتراوح بين 7 و25 سنة! وتشمل هذه الأحكام كلّاً من كوادر ومسؤولي المنظمات المعنية وحتى الناشطين صلبها ومتطوّعيها، بالإضافة إلى من ساهموا في نقل وجمع مداخيلها.
وتعتبر المبادرة التشريعية لآيليت شاكيد الأطول والأكثر تعقيداً في تاريخ “إسرائيل” باحتوائها على 137 بنداً ينتظر التصويت عليها مباشرة في البرلمان على اعتبار نيلها مباركة الحكومة.
ولم تكتف التدابير القمعية بهذا القدر بل طالت المحكومين بالمؤبد ممن يصمهم القضاء “الإسرائيلي” بالإرهاب، منبئة بتعسير ظروف احتجازهم وتشديد الإجراءات التي قد تؤدّي إلى تخفيف عقوباتهم؛ فبمقتضى هذه القوانين الجديدة لم يعد بإمكان المعتقل مغادرة سجنه قبل قضاء 40 سنة على الأقل، ولا حق له في مقابلة أحد أفراد عائلته دون مرور 15 سنة على اعتقاله.
يذكر أن هذه الشروط المجحفة تتفق مع رؤية حزب “البيت اليهودي” في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين والتي تقضي بالسعي لإبقائهم خلف القضبان لأطول فترة ممكنة، وهو ما يتجلى من خلال موقف رئيسه نفتالي بنيت وذراعه اليمنى آيليت شاكيد الرافض لصفقة مبادلة الأسرى التي تمت مع حماس سنة 2011م؛ حيث أعربت شاكيد عن رفضها القاطع لتحرير الآلاف من الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح جلعاد شاليط العريف بالجيش “الإسرائيلي”.
من جهتها تتجاوز آيليت شاكيد كونها مجرد وزيرة عدل؛ إذ تبرز على الساحة “الإسرائيلية” بصفتها ناشطة متطرفة تسعى لقمع ما تصفه بـ “الجرائم الفلسطينية” ودعم وتطوير مجتمعات “يهود السامرة”؛ المتمركزة في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية.
وتسعى شاكيد، الملقبة أحياناً بـ”المرأة الحديدية”، إلى تطبيق البرنامج الانتخابي لحزبها بحذافيره، وإن دفعها ذلك إلى تجاهل رأي المحكمة العليا والتشاجر مع مستشارها القانوني؛ كما هو الحال الآن.
http://www.liberation.fr/monde/2015/07/28/l-extreme-zele-de-la-ministre-
israelienne-ayelet-shaked_1355327