تم فتح باب القبول لطلبة الماجستير بأغلب جامعات أوروبا لسبتمبر هذا العام، أغلب الجامعات تقبل الطلبات من الطلبة الواردين من خارج الاتحاد الأوروبي حتى مارس، وغالباً ما يتم البت في كل الطلبات بحد أقصى في يوليو أو أغسطس، ويبدأ الطلبة في التقدم للحصول على “الفيزا” مباشرة بغية الوصول للجامعة في سبتمبر أو أكتوبر، أو حتى نوفمبر متأخرين!
التعليم في أوروبا في أغلب جامعات الاتحاد الأوروبي “حق” دستوري، يعني ذلك أن مصاريف التعليم غالباً لا تذكر (أقل من 200 يورو مثلاً في العام)، ولكن الشق الأصعب هو القبول في جامعة ذات ترتيب متقدم، أو توفير اللازم من المال لعام واحد للحصول على “الفيزا”، إذ القبول في ذاته “تحدٍّ” مع مئات المتقدمين معك، لو تجاوزته لا يبق أمامك إلا “المال”، وهو عائق لـ”الفيزا” فقط.
يعني ابتداءً “المال” ليس عائقاً للقبول أو للتقدم للجامعات، وعلى ذلك ينبغي على كل متطلع لطلب العلم التقدم قبل بداية شهر مارس، أو قبل أن يغلق باب القبول في الجامعة التي يتقدم إليها.
ماذا إذا ما تم القبول فعلاً؟
للحصول على “الفيزا” لدخول الاتحاد الأوروبي يلزم إثبات “الأهلية المالية”؛ أي أن الطالب يملك من المال ما يكفي ليعيش على الحد الأدنى المسموح به بموجب القانون، والقانون في العموم يتطلب رقم يوازي 7800 يورو في العام الواحد(650 يورو شهرياً).
يكفي للسفارة أي شكل من الأشكال التالية لإتمام أوراق “الفيزا”:
1- أن يُودِع الطالب 7800 يورو في حساب بنكي بمعرفة الجامعة التي تم القبول بها، وتغلق الجامعة حسابه البنكي في دولة الدراسة بأوروبا، ويتم صرف ما يوازي 650 دولاراً شهريا له؛ يعني: يأخذ الطالب أجراً شهرياً من ماله الشخصي، يضمن أنه قادر على الإنفاق بالحد الأدنى على نفسه لمدة عام، لا يمكن سحب كل المال في يوم واحد، وإنما على دفعات، دفعة واحدة 650 يورو كل شهر.
2- يودع الطالب ضمن أوراقه ورقة “ضامن مالي”، والضامن المالي قد يكون أحد الأقرباء المقيمين في إحدى الدول كدول الخليج، أو الغرب عموماً، وبحيث يسمح أجره ووضعه العائلي أن يضمن شخصاً آخر. مثلاً رجل عزب، مطالب بأن يكون أجره الشهري أكثر من 1800 يورو شهرياً حتى يمكنه ضمان شخص آخر، رجل متزوج وله طفل، ربما ما يوازي 2200 يورو، وهناك قانون يفصل ذلك الأمر بحسب الدولة (تسأل السفارة، أو اسألني عند قبولك الفعلي في إحدى الجامعات)، وخلاصته: أنه يكفي “ورقة” تقول: إن أحدهم سيتكفل بالمال الذي تصرفه أثناء إقامتك للإعاشة.
يعني، واقعياً: بإمكانك التقدم للجامعة، ولو لم تكن تملك المال أصلاً الكافي لسفرك، ويكفي أن يكون لديك شخص قريب منك على استعداد أن يضمنك، لتحصل على “الفيزا”، وتسافر!
كم يكفيك “واقعياً” من المال لــتقاوم وتواصل بأسباب الحياة Survival Minimum؟
أغلب المدن الأوروبية يمكن الحصول فيها على غرفة طالب بحوالي 300 يورو (أقل 40 أو أعلى 50)، والطعام يكفيك للكفاف أو أدنى منه قليلاً كطالب 60 يورو، وللترفيه 150 لــ300 يورو؛ يعني، بإمكانك التعايش مع لعبة الحياة القاسية بحوالي 350 يورو شهرياً؛ أي 4200 يورو في العام، لنقل: 4 آلاف يورو فقط.
بإمكانك في أغلب الدول العمل مع الدراسة وتحصيل ما يوازي 4 آلاف يورو في العام بشكل معتاد، والبعض بإمكانه تحصيل ما هو أكثر من هذا؛ يعني: فعلياً لن يكلفك التعليم “مالاً” في المجمل، ولكن سيكلفك عناء الصبر، ومكابدة الدنيا، والتعليم، والمدرسين الأفذاذ.. حيث أنت مطالب ابتداءً بالتفوق في دراستك، لا تحصيل المال؛ لأن التفوق يعني في النهاية “على الأقل” عشرة أضعاف الاستثمار الأصلي، لو لم تعمل أساساً، وأنك مطالب بعمل كل تلك الأشياء التي لم تتعود عليها (طبيخ وغسيل وترتيب وشراء أكل، والعمل، والتعلم.. كله في وقت واحد).
غالباً في أول شهر، لن تجد العمل، ربما أول ثلاثة أشهر، وعليه في كل الأحوال ستضطر لأن يكون معك ما يقيم لك العيش أول ثلاثة أشهر على أي حال، (استلفهم، خذهم كدين)؛ يعني: هو استثمار “بدني” و”ذهني” وتعب، ولكن لا يعطله المال أساساً، لأنك ستحصله عاجلاً أم آجلاً، طالما “تفوقت” وتعايشت.
الخلاصة:
– قم بالتقدم للجامعات حتى ولو لم تكن تملك المال!
– الجامعات تفتح أبوابها حتى شهر مارس، هناك فرصة حقيقية لك لأن تغير الكثير من رأسك وعمرك.. الآن. اغتنمها!
– ابتعد عن الجامعات التي تأخذ أموالاً باهظة كمصاريف مثل أغلب جامعات إنجلترا إن لم يكن كلها، وبعض الجامعات في هولندا، ما لم يكن لدراسة إدارة الأعمال لأن تلك الدراسة وضعها مختلف أصلاً في نوع الطلبة وبحسب ترتيب الجامعة، وحتى شروط القبول مختلفة (تعتمد بالأساس على أموال ضخمة).
– إن تم قبولك في أي جامعة، حينها سيتغير ردود فعل من حولك في شأن سفرك، وقد يقيد الله لك أحد معارفك، أو أقربائك يساعدك على إتمام ما تحتاج من المال كدين، سواء ما يوازي الـ 8 آلاف يورو لعام كامل من الدلع، أو حتى الـ4 آلاف يورو للإعاشة على الكفاف والتركيز فقط في الدراسة بدون عمل، أو حتى 1500 تثبت بهم أقدامك أول 3 أشهر وتخرج روح المحارب بداخلك! مع أي ضامن في أي دولة خليجية، ستجد من يساعدك في أوراق الفيزا فقط.. بقليل من الحظ والتوفيق.
ولكن يلزم أن تأخذ أنت بنفسك الخطوة الأولى.. وموعد ذلك بالضبط:
تقدم للجامعات في تخصصك، قبل أن تغلق أبوابها هذا العام. ودع أمر المال.. ربما يحفظ الله لك أمراً!