لا شيء يقال وأنت تشاهد الإبادة التي يتعرض لها السوريون سوى أن أمتنا العربية والإسلامية أمة عاجزة بكل ما تعنيه الكلمة، وأن العالم الذي يتفرج ويصمت على مشاهد الإجرام، عالم “سيئ”، فلا شجاعة الأديان أدركتهم، ولا حمية الجاهلية وسعتهم.
إن مآسي بشار الأسد الفظيعة التي يمارسها ضد شعب سورية الأعزل، من قتل، وتشريد، وإذلال وتركيع، وأمام عالم يرى ويسمع دونما تدخل أو حتى اتخاذ قرارات من شأنها شطب نهاية “فرعون العصر”، أكبر شاهد على موت الضمير الإنساني.
الجرائم التي يتفنن فيها بشار ليست جريمة نظام مستبد وعبثي فحسب؛ بل هي جرائم تقدم تحت غطاء سياسي لدول ومنظمات، وأولها نظام الملالي في إيران، وطائفية “حزب الله”، وتوحش النظم الغربية كأمريكا، وهي الفيتو والتدخل الروسي، و”داعش” المنبوذ، فهؤلاء يشكلون غطاءً سياسياً لإبادة جماعية للشعب السوري.
العالم تفنن في إذلال العرب، أما نحن فلا نملك سوى ترديد أسماء مدن الموت، اليوم حلب، وأمس حماة، وقبلها الفلوجة، وغداً.. لا أحد يدري ما المدينة التالية.
المأساة السورية شاهدة على احتراق شعارات حقوق الإنسان التي ترفعها دول تشعل الفتن، وهي شاهد عيان على موت القيم التي تتشدق بها المنظمات حقوق الإنسان، والمرأة، والطفل.. وصدق الشاعر العربي في تصوير هذا التناقض والتخاذل بقوله:
قتل امرئٍ في غابة جريمة لا تُغتفر وقتلُ شعب كامل جريمة فيها نظر!
فحقوق الإنسان العالمية تنكر على السعودية تطبيق الحدود الشرعية؛ حماية لحقوق الإنسان! وتستنكر على المسلمين ذبحهم للحيوانات في الهدي والأضاحي؛ شفقة بالحيوان.. لكنها اليوم تتفرج على جثث النساء والأطفال والرجال!
ونحن كأفراد لا نمتلك أمام هذه المأساة سوى دعاء الرب جل شأنه أن يزلزل بشاراً، وأعوانه، وأن يرحم السوريين أحياءً وأمواتاً، وأن يكلؤهم بعنايته وينصرهم على عدوهم.. فلا تبخل بدعوة في وقت إجابة، فهو أقل ما يمكن أن ننصرهم به.
بقي أن نقول: إن الله لن يعجزه جعل بشار ومن سانده عبرة كما حصل لبني قريظة وقريش في يوم الأحزاب، لكنه الابتلاء والاختبار ليميز الله الخبيث من الطيب، ويكشف الصالح والطالح، قال عز وجل: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ {4}) (محمد).
وأخيراً..
بينما أبو البندري – غفر الله له – يكتب هذا المقال تبادر إلى ذهنه هذا الحديث الذي يصف حالنا، ومآلنا، إلا أن يتغمدنا الله برحمته.. قال عليه الصلاة والسلام: “إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم”.