اعتقال قوات الأمن لمالك عدلي، المحامي الحقوقي البارز، الذي حرك دعوى قضائية ضد قرار عبدالفتاح السيسي بنقل تبعية جزيرتي “تيران وصنافير” الواقعتين عند مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر إلى السعودية، بتهم التخطيط لقلب نظام الحكم ونشر أخبار كاذبة، يعكس عزم السلطات على قمع المعارضين من المحامين والصحفيين والناشطين.
هكذا رأت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقريرها الذي حمل عنوان “اعتقال محامٍ في مصر يعكس تصميم على قمع الانتقادات”، الذي ذكرت فيه أن عملية القبض على عدلي وقعت أمس الجمعة، لينضم بذلك إلى أكثر من 1200 شخص اعتقلتهم قوات الشرطة على خلفية أزمة “تيران وصنافير”.
وجاء اعتقال عدلي في أعقاب صدور حكم من النيابة بحبسه 15 يوماً على ذمة اتهامه بالتحريض على مظاهرات 25 أبريل بشأن أزمة الجزيرتين.
وأضاف التقرير أن السيسي الذي كان يحظى بشعبية لا ينازعه فيها أحد قبل عام، يصارع أزمة اقتصادية طاحنة وموجة انتقادات غير مسبوقة.
وأشار التقرير إلى المظاهرات التي اندلعت في القاهرة في الـ15 من أبريل الماضي، بمشاركة قرابة 3 آلاف شخص ضد قرار الحكومة بتسليم “تيران وصنافير” إلى السعودية، في واحدة من أكبر التجمعات العامة التي تشهدها مصر منذ العام 2013م الذي أشرف فيه السيسي آنذاك، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة على تمرير قانون يجرم التظاهر في الشوارع بدون ترخيص مسبق من الأجهزة الأمنية.
وألقى السيسي باللائمة في الأزمات التي تواجهها البلاد على ما أسماه “قوى الشر”، وحضّ، في كلمته التي ألقاها أمس الأول الخميس بمناسبة تدشين مشروع الفرافرة العملاق لاستصلاح الأراضي والذي وصفه السيسي بأنه أحد المنجزات “غير المسبوقة”، المصريين على منحه الدعم المطلق.
وقال السيسي: كلما حققت مصر نجاحاً زادت مخططات قوى الشر لعرقلة مسيرة التنمية.
ووفق التقديرات الصادرة عن جبهة الدفاع عن متظاهري مصر – شبكة من المحامين وجماعات المجتمع المدني – بلغ عدد من اعتقلهم الأمن المصري في أعقاب احتجاجات الجزيرتين، 1277 شخصاً.
وقالت راجية عمران، محامية في الجبهة: إن مئات الأشخاص قد أطلق سراحهم بالفعل، لكن ثمة ما لا يقل عن 577 آخرين وُجهت إليهم تهم رسمية.
وأضافت: بعد قانون التظاهر، ابتعد الكثيرون عن المشهد السياسي، والواقعة الأخيرة أثارت مخاوفهم من العودة للاحتجاج مجدداً.
وتعرضت الحكومة لانتقادات نارية مؤخراً بعد حادث اقتحام قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين في بداية الشهر الحالي في خطوة غير مسبوقة وإلقائها القبض على الصحفيين عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة يناير، ومحمود السقا، الصحفي في نفس البوابة، أثناء اعتصامهما بالنقابة.
وقرر بدر والسقا الاعتصام داخل مقر نقابة الصحفيين، للتنديد بمداهمة قوات الأمن لمنزليهما، بعد إصدار نيابة أمن الدولة العليا قراراً بضبطهما وإحضارهما، بتهمة “التحريض على التظاهر في جمعة الأرض”.
ونفى وزير الداخلية مجدي عبدالغفار ارتكاب أي مخالفات في القضية، مُصِرّاً على أن الصحفيين اعتصما في النقابة بشكل غير قانوني لتجنب الاعتقال.
واشتعلت اﻷوضاع بشكل أكبر بعد التسريبات الأمنية التي توضح ملامح خطة أعدتها وزارة الداخلية لمواجهة الحملة الإعلامية التي وصفتها بـ”الشريرة” والتي تجيء في أعقاب باقتحام مقر نقابة الصحفيين.
واعتمدت الخطة على ضرورة تشويه النقابة وأعضاء مجلسها عن طريق التنسيق مع عدد من اللواءات السابقين للظهور على البرامج الإعلامية للدفاع عن موقف الداخلية.
كان السيسي قد أكّد أنَّ مصر لم تفرط في حقوقها عندما وقعت اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع السعودية الذي تضمن أن جزيرتي “تيران وصنافير” في البحر الأحمر سعوديتان.
ويذهب المسؤولون السعوديون والمصريون من مؤيدي قرار نقل تبعية “تيران وصنافير” إلى المملكة العربية السعودية إلى أن الجزيرتين ملكية سعودية وكانتا تحت السيطرة المصرية فقط بعد أن طلبت الرياض من القاهرة فرض حمايتها عليهما في العام 1950م.