انتهت ولاية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عام 2009م، ومنذ ذلك اليوم يمارس صلاحياته بحكم الأمر الواقع وبشكل غير دستوري.
محمود عباس متمسك بالسلطة وبمواقعه إلى أبعد مدى، والمجلس التشريعي معطّل، وجهات كثيرة تمنع د. عزيز دويك، رئيس المجلس التشريعي، من الوصول للسلطة في حال وفاة محمود عباس، وحركة “فتح” مختلفة ومنقسمة وليس هناك إجماع على بديل لعباس.
وحده محمد دحلان يحظى بتأييد ما: مجموعات داخل “فتح” تدعم دحلان بقوة، أنظمة عربية في مصر والأردن والإمارات تدعم وصوله للسلطة، علاقاته السياسية والأمنية والمالية واسعة، مجموعات داخل “فتح” وخارجها تعتبر أن دحلان قادر على استعادة نفوذ حركة “فتح” وتعزيز مكانتها بعدما أثّرت سياسات عباس في مكانة “فتح”، واستطاعت حركة “حماس” أن توسع نفوذها داخل فلسطين وخارجها.
محمود عباس عمل في السنوات الماضية على محاربة جميع خصومه: طرد محمد دحلان من حركة “فتح”، أقال ياسر عبد ربه من أمانة سرّ منظمة التحرير، اتهم سلام فياض بالعمل مع جهات خارجية، حجّم دور اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، وساعد أبناءه على الإثراء والنفوذ.
في السنوات الماضية عملت جهات دولية وإقليمية كثيرة على إصلاح العلاقة بين عباس ودحلان، كان عباس يرفض بشدة، هو يدرك أن مصالحته مع دحلان ستدفع الأخير للانقضاض عليه وإقالته، خاصة وأن عباس اكتشف أن دحلان يحفر أنفاقاً من تحته، يبني تشكيلات مسلحة في الضفة، يشتري ولاء كوادر فتحاوية، يقيم علاقات لاستيعاب شخصيات مرشحة للرئاسة.
عباس يعرف طموحات دحلان؛ لذلك رفض عباس ثلاث مرات وساطات مصرية قام بها السيسي، كان آخرها في شهر مايو الماضي.
الجهات الإقليمية والدولية تعمل ليل نهار من أجل إيجاد بديل لدحلان، تشكيل المحكمة الدستورية العليا في السلطة الفلسطينية واحدة من هذه الخطوات.
إضافة إلى تعنّت عباس، هناك أسباب أخرى تمنع وصول دحلان: الفلسطينيون ينظرون إلى دحلان على أنه مشروع أمني خارجي، علاقاته بالاحتلال لا تزال تلاحقه، وهو مرفوض شعبياً، له خصومات سياسية كبيرة داخل “فتح”، وعداوات داخلها وخارجها، وهو متهم بعمليات قتل واغتيال، ويخاف من ردود فعل من أصدقاء وأقارب هؤلاء.
هناك تخريجة سياسية تنظيمية يتم الحديث عنها، عباس يجمع رئاسة السلطة ومنظمة التحرير وحركة “فتح”، التسوية هي: فصل هذه المواقع عن بعضها؛ دحلان لرئاسة “فتح”، ناصر القدوة، ابن شقيقة ياسر عرفات، لرئاسة السلطة وربما المنظمة، وهذا يعني سقوط خيارات عباس المتمثلة في صائب عريقات واللواء ماجد فرج.
الطبخة لم تنضج بعد، لكن معالمها واضحة: فرض زعامة جديدة على الفلسطينيين مرتبطة بالخارج وبالتسوية، وليست من اختيار الشعب.