بينما تحتفل نساء العالم بيومهنّ العالمي، تلملم المرأة الفلسطينية في قطاع غزة، هذا العام، جراحها التي خلّفتها ثلاث حروب، وأحد عشرَ عاماً من حصارٍ صهيوني.
الواقع الاجتماعي
وفي هذا اليوم، تشير الإحصائيات المحلية إلى تراجع الواقع المعيشي والاجتماعي للنساء الفلسطينيات بغزة، فيما تصف تغريد جمعة، مديرة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية بغزة، واقعهنّ بـ”القاسي”.
وتضيف قائلة: المرأة الفلسطينية في غزة ما زالت تدفع ثمن الحروب والحصار وما خلّفاه من ارتفاع نسب البطالة، وتردّي الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.
وقالت: محصّلة ضحايا الحروب الثلاث الأخيرة التي شنّتها “إسرائيل” على غزة، من النساء بلغت حوالي 600 امرأة.
ولفتت إلى أن المجتمع الدولي لم ينتصر حتّى اللحظة للمرأة الفلسطينية، ولم يُجبر الجانب “الإسرائيلي” على دفع ثمن جرائمه، التي ارتكبها بحق نساء غزة، خلال حروبه الثلاث.
وتشير إلى أن غالبية النساء اللواتي دُمرت منازلهنّ خلال الحرب الأخيرة على غزة، فقدن خصوصيتهن الاجتماعية.
وتابعت: النساء دفعن تكلفة الحرب الباهظة، فقدن خصوصيتهن لتواجدهن في أماكن غير أماكنهن.
وفي السياق ذاته، بيّنت جمعة أن النساء دفعن أيضاً، تكلفة الحصار، الذي تفرضه “إسرائيل” على القطاع للعام الحادي عشر على التوالي.
وقالت: بلغت نسبة البطالة في صفوف النساء حوالي 38%، أصبحت النساء تقبّل في العمل بأقل الأجور المقدّمة لهن، لتحسين أوضاعهن المعيشية وإعالة أسرهن.
ولفتت إلى أن أصحاب العمل يقمن باستغلال النساء بغزة بأعمال مُرهقة، وبأجورٍ زهيدة.
وذكرت أن الحروب الصهيونية، التي أدت إلى مقتل آلاف الرجال المعيلين لأسرهم بغزة، زاد من أعباء النساء، إذ جعلهن المعيل الأول والرئيس للأسرة، وفق جمعة.
ومن جانب آخر، ترى جمعة أن تراجع تقديم القطاع الصحي خدماته بغزة، أثّر بشكل كبير على الوضع الصحي للنساء.
واستكملت قائلة: لم تتجاوز نسبة الرعاية الصحية المقدّمة لنساء غزة، خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، الـ30%، من إجمالي الخدمات الصحية.
وتابعت: تم إعادة توجيه وتدوير الخدمات الصحية المقدمة بغزة على حساب النساء، سيّما الحوامل، اللواتي افتقدن تلك الرعاية، بشكل أثّر على صحتهن وصحة الجنين.
وفي سياق آخر، ترى جمعة من استمرار الانقسام بين حركتي “فتح” و”حماس”، يُلقي بظلاله السلبية على واقع المرأة الفلسطينية.
وقالت: الانقسام أثّر على سنّ القوانين المنصفة للنساء، فقد خسرت النساء الكثير من حقوقهن بسبب تجميد سن القوانين.
وحمّلت جمعة المجتمع الدولي المسؤولية إزاء تردي أوضاع المرأة الفلسطينية اجتماعياً، واقتصادياً، ومعيشياً.
وتابعت: مطلوب من المجتمع الدولي ملاحقة “إسرائيل” على جرائمها التي ارتكبتها بحق المرأة سواء في غزة أو الضفة الغربية.
كما طالب حكومة التوافق الفلسطينية بتوفير الخدمات الأساسية سواء المتعلقة بالجانب الصحي، أو المعيشي، أو الثقافي والتعليمي، أو السياسي للنساء الفلسطينيات بغزة.
أوضاع قاسية
وفي السابع من يوليو 2014م، شنت “إسرائيل” حربًا على قطاع غزة، أكثر بقاع الأرض اكتظاظًا بالسكان (1.9 مليون نسمة)، ولقي 2322 فلسطينيًا مصرعهم.
وكان من بين القتلى 489 امرأة، أعمارهن تتراوح ما بين 20 – 40 عامًا، فيما أصيب 302 سيدة أخرى، منهن 100 امرأة تعاني من إعاقة دائمة.
وبحسب “مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة”، تعرضت 600 امرأة للإجهاض خلال الحرب “الإسرائيلية” الأخيرة على قطاع غزة، جراء “الخوف”، إضافة إلى تهجير 34697 سيدة جراء تدمير منازلهن بشكل كُلّي أو جزئي، فيما فقدت 791 سيدة أزواجهن خلال الحرب.
ومن جهته، قال مركز الميزان لحقوق الإنسان: تمر هذه المناسبة، هذا العام، في ظل استمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عموماً، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص.
وتابع، في بيان أصدره الثلاثاء: النساء يعشن أوضاعاً في بالغة القسوة، جعلتهن عرضة للاضطهاد والقهر العرقي بأشكاله المختلفة على أيدي قوات الاحتلال.
ويلفت إلى أن الحصار “الإسرائيلي” المفروض على قطاع غزة حرم المرأة الفلسطينية من حقها في السفر والتنقّل بشكل يؤثر على حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، معتبراً ذلك انتهاكاً منظّمها لحقوقها من قبل “إسرائيل”.
ووفق الميزان، فقد شهدت الفترة الممتدة منذ نهاية العام (2008 – 2017م)، مقتل 437 سيدة، بالإضافة إلى تعرّض آلاف السيدات لإصابات مختلفة، نتيجة استهدافهم بشكل مباشر من قبل الجيش “الإسرائيلي”.
فيما بلغ عدد النساء اللواتي فقدن أزواجهن، وتحملن بالتالي مسؤولية إعالة الأسرة، حوالي 1312 سيدة.
وتابع المركز: بالإضافة لكونها ضحية مستهدفة، فهي التي تتحمل تبعات تفشي ظواهر البطالة والفقر والتهجير القسري.
واستكمل: كما أنها تدفع ثمن مظاهر غياب سيادة القانون داخلياً، فتتحمل عناء العمل في ظروف تنعدم فيها أبسط شروط الحق في العمل، المكفولة في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومنذ أكثر من عام، تعتقل “إسرائيل” في سجونها سيدة فلسطينية واحدة من قطاع غزة، كما قال عبدالله قنديل، الناطق باسم جمعية واعد للأسرى والمحررين في قطاع غزة (غير حكومية).
وأضاف: تعاني الأسيرات الفلسطينيات من ظروف سيئة للغاية داخل السجون “الإسرائيلية”.
وتتعرض المعتقلات لتعذيب نفسي وجسدي من قبل إدارة السجون، وانتهاك لخصوصياتهن، وفق قنديل.
وأردف: تحرم السلطات “الإسرائيلية” الأسيرات من العلاج ومن التعليم ومن أدنى حقوقهن.
المعتقلات
وقال نادي الأسير الفلسطيني: إن “إسرائيل” تحتجز 56 معتقلة فلسطينية، داخل سجونها، بينهنّ 12 قاصراً (أدنى من عمر 18 عاماً).
وأشار النادي في بيان أصدره، أمس الثلاثاء، بمناسبة يوم المرأة العالمي والذي يصادف اليوم الأربعاء، تلقّت وكالة “الأناضول” نسخة عنه، إلى أن أقدم المعتقلات هي لينا الجربوني، المعتقلة منذ العام 2002م.
وأوضح نادي الأسير أن المعتقلات المتواجدات في سجني “هشارون” و”الدامون”، يعشن ظروفاً اعتقالية صعبة.
وفي إحصائية أصدرها مركز الإحصاء الفلسطيني، أمس الثلاثاء، قال: إن نسبة الإناث في الضفة الغربية وقطاع غزة، بلغت نحو 49.2%، مقابل 50.8% للذكور خلال العام الماضي.
وحسب الإحصائية فإن عدد الإناث في قطاع غزة، يصل إلى أكثر من 940 ألف أنثي، مقابل 971 ألف ذكر.
وأشارت الإحصائية إلى أن 11% من الأسر الفلسطينية تعيلها نساء، بواقع 12% في الضفة الغربية، و9% في قطاع غزة.
وتتدنى نسبة الأمية بين النساء الفلسطينيات، حسب البيان، فقد بلغت نسبة معرفة النسوة اللواتي يُجدن القراءة والكتابة 95.2%.
وتصل نسبة البطالة في صفوف النساء اللواتي حصلن على 13 سنة دراسية، إلى أكثر من 50%.
وفرضت “إسرائيل” حصارًا على سكان غزة (1.9 مليون فلسطيني)، منذ نجاح حركة “حماس” في الانتخابات التشريعية في يناير 2006م، وشدّدته في منتصف يونيو 2007م، إثر سيطرة الحركة القطاع، واستمرت في هذا الحصار رغم إعلان “حماس” التخلي عن حكم غزة مع تشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية في الثاني من يونيو 2014م.
ووفقاً لتقارير أعدتها مؤسسات دولية، فإن 80% من سكان قطاع غزة باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش.
ويحتفل العالم في الثامن من مارس من كل عام، بيوم المرأة العالمي، وفيه يتم الاحتفال عالميا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء.