اعتبر خبيران عسكريان مصريان، الهجوم الأمريكي على قاعدة عسكرية تابعة لنظام بشار الأسد بأنه “تحول في قواعد اللعبة” بسورية، فيما رآه خبير ثالث “انتهازا” أمريكيا لفرصة الرد على جريمة قديمة للنظام السوري.
وأكد الخبيران أن الضربة رسالة أمريكية للعالم لتأكيد استخدام النظام السوري للغازات الكيماوية وأن أمريكا لن تنتظر لجان تحقيق، فـ”الاتهام تأكد والعقاب تم”.
فيما أوضح الخبير الثالث أن أمريكا تتحين الفرصة منذ هجوم الغوطة الشرقية في أغسطس 2013 قبل أن تتدخل روسيا بمبادرة وضع الأسلحة الكيميائية تحت الرقابة الدولية، وأن الضربة من شأنها إطالة أمد الصراع.
ونفذت الولايات المتحدة، صباح الجمعة، هجوما بصواريخ عابرة من طراز توماهوك، استهدف قاعدة “الشعيرات” التابعة لنظام الأسد بريف حمص، ردا على قصف الأخير بلدة “خان شيخون” في إدلب بالكيماوي.
رسالة قوية
اللواء المتقاعد، عادل سليمان، رئيس منتدى الحوار الاستراتيجي لدراسات الدفاع والعلاقات المدنية العسكرية، قال: إن الهجوم الصاروخي الأمريكي على قاعدة الشعيرات الجوية، تحول خطير و”تغير في قواعد اللعبة” في سورية بعدما كانت روسيا وإيران تهيمنان على الأوضاع.
وأضاف سليمان، لـ”الأناضول”، أن الهدف الرئيسي هو توجيه ضربة للبنية الرئيسية لنظام الأسد وإعلان أن النظام وتنظيم “داعش” “وجهان لعملة واحدة”؛ لأن الشعيرات هي القاعدة الرئيسية التي يستخدمها الأسد للانطلاق لضرب معارضيه.
واعتبر أن الضربة العسكرية “بداية لخروج نظام الأسد من المعادلة السورية”، كما أنها تحمل رسالة قوية لروسيا لتحجيم دورها وإظهار عجزها، وأن أمريكا لا تزال هي القوة الأولى في العالم وأن اهتماماتها بمنطقة الشرق الأوسط لم تتغير.
وتابع: “ورسالة أخرى لحزب الله وإيران بأنهما ليسا بعيدين عن العقاب، فضلا عن تقوية التحالف مع تركيا والخليج في المنطقة”.
وفي رأي العميد المتقاعد، صفوت الزيات، والخبير العسكري والاستراتيجي، أن الرسالة الأهم هي وضع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على نحو خاص في وضع “العاجز” عن حماية النظام السوري؛ لأن صلب المهمة الروسية هي الحفاظ على بقاء النظام وتأمينه عسكريا وسياسيا ودبلوماسيًا.
وأضاف الزيات: “أمريكا تقول للعالم لن ننتظر تأكيدا على أن النظام متهم باستخدام الغازات الكيمياوية، ولا توجد جدوى للجان تحقيق، فالاتهام تأكد والعقاب تم”.
وأخفق مجلس الأمن الدولي في التصويت على أي من مشاريع القرارات الثلاث التي طرحت على طاولته فجر الجمعة بشأن الهجمات الكيمائية التي وقعت قبل ثلاثة أيام في بلدة خان شيخون السورية وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 وإصابة نحو 500 آخرين.
وأظهرت جلسة المشاورات المغلقة التي تم إعلان فضها فجر الجمعة وقبل 15 دقيقة فقط من شن واشنطن ضربات عسكرية على سورية، انقساما واضحا بين موقفي روسيا من ناحية ومواقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
وأوضح الزيات أن “الرسالة واضحة أننا أمام رئيس روسي نشر حجما كبيرا من القوة العسكرية في سورية على الأرض وهي قوة تتجاوز بكثير مهمة مكافحة الإرهاب”.
رسالة عجز
ووفق الزيات، فإن روسيا كانت تحاول تحجيم حركة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وسورية وهو ما لن يحدث مع شخصية الرئيس الأمريكي.
وتابع: “عندما يُبلّغ الأمريكان الروس عن الضربة، وعندما تحجم روسيا عن التعامل معها فهي رسالة عجز، فضّل الأمريكيون أن يوجهوها إلى موسكو ومفادها: عليك أنت تفتح الباب فأنا قادم”.
ومضى قائلا: “أعتقد أنها أصعب الأيام على بوتين فهو شخصية داعية إلى فكرة الدور العالمي والدور الإمبراطوري ولديه نوع من الحنين إلى الزعامة السوفيتية، وعدم وجود رد فعل قوي بعمل حقيقي على الأرض هو نوع من العجز”.
الزيات أشار أيضا إلى أن تلك الضربة رسالة إلى النظام السوري مفادها أنه لا يمكن الاستمرار في هذا التشدق بتحقيق انتصارات في الحرب السورية، كما تحمل رسالة أخرى للميليشيات الإيرانية بأنها قد تكون هدفا حال المساهمة في أي عمليات على الأرض السورية.
على الجانب الآخر اعتبر اللواء المتقاعد، علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية (حكومية)، أن أمريكا تتحين الفرصة منذ فترة والمرة الأولى كانت في الغوطة لضرب النظام السوري قبل أن تنجده روسيا عبر مبادرة التنازل عن الأسلحة الكيميائية ووضعها تحت الرقابة الدولية.
ووصف الضربة الأمريكية بأنها “انتهاك” للقانون الدولي، “فليس من حق أمريكا أن تتدخل في شؤون أي دولة بهذه الطريقة”.
واعتبر أن الضربة العسكرية ليست حلا وإنما تطيل أمد الصراع في البلد الذي يعاني من ويلات الحرب منذ أكثر من ست سنوات.
وقتل أكثر من 100 مدني، وأصيب أكثر من 500 غالبيتهم من الأطفال باختناق، في هجوم بالأسلحة الكيميائية شنته طائرات النظام، الثلاثاء، على “خان شيخون” وسط إدانات دولية واسعة.
ويعتبر هذا الهجوم الأكثر دموية من نوعه، منذ أن أدى هجوم لقوات النظام بغاز السارين إلى مقتل أكثر من 1300 مدني بالغوطة الشرقية في أغسطس/ آب 2013.