شروع النخبة والنواة الصلبة من الحركة الأسيرة في معركة “الأمعاء الخاوية” منذ 21 يوماً، شكل صدمة للسجان ومن يسانده من الجهات الأمنية في حكومة الاحتلال.
المحرر القيادي جمال داود (59 عاماً)، خرج من سجن النقب قبل أيام، يتحدث لـ”المجتمع” عن هموم الحركة الأسيرة في إضراب الحرية والكرامة، وتعامل مصلحة السجون، وآمال الأسرى بنتائج إضرابهم والخشية من تفرد مصلحة السجون بهم.
الإضراب خطوة متقدمة
القيادي المحرر جمال داود، قال لـ”المجتمع”: مصلحة السجون اعتمدت على أساليب خبيثة للنيل من إرادة الأسرى قبل إعلان الإضراب، وأصبح قادة السجون يؤكدون في تقاريرهم عن الأسرى أنهم غير قادرين على اتخاذ خطوات جماعية، نتيجة الإجراءات الأمنية القاسية والعنصرية التي تم تطبيقها في السنوات السابقة.
وأضاف: بعد هذا الاطمئنان غير الحقيقي، كانت خطوة الإضراب الجماعي من النخبة بمثابة الضربة القاضية التي وجهتها قيادة الحركة الأسيرة، فأصابت قيادة مصلحة السجون في عمق عنجهيتها التي كانت تتباهى بها أمام المستوى الأمني والسياسي في حكومة الاحتلال.
الأسرى والمطالب
يقول المحرر القيادي داود: مطالب الإضراب تمت صيغتها بحكمة ودراية بعقلية الاحتلال وقادته، وتم استباق التحريض الذي سيكون على المطالب، وحدث ما كان متوقعاً من رد فعل مصلحة السجون التي بادرت بالتحريض على الإضراب بوصفه إضراباً سياسياً، ويأتي للهروب من أزمات داخلية، إلا أن مطالب الإضراب جعلت الجميع يكذب الرواية “الإسرائيلية”، وينحاز الجميع إلى مطالب الأسرى العادلة والإنسانية، فالصليب الأحمر الدولي أقر بعدالة هذه المطالب، إضافة إلى كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والدولية، وهذا الأمر أربك حسابات مصلحة السجون التي ردت بعنصرية على هذه الحالة بإجراءات غير مسبوقة من القمع والعزل والتشديد، والتهديد باستخدام قوات القمع على هذه الخطوة الجريئة في التحدي والصمود.
تصريحات ناجمة عن ضعف
يقول المحرر القيادي جمال داود: تصريحات قادة الاحتلال في المستوى السياسي والأمني حول إعدام الأسرى وتركهم أن يذهبوا للموت، فباطن الأرض أفضل لهم، تدلل على مدى الإرباك والتخبط، وهذه التصريحات جرائم حرب، والأسرى بإضرابهم حشروا دولة الاحتلال في الزاوية، وهم الآن يحاصرون سجانهم بأمعائهم الخاوية.
صمود أسطوري
وصف القيادي المحرر جمال داود الذي أمضى في السجون ما يقارب الخمس سنوات، صمود الأسرى في وجه أعتى احتلال بالأسطوري، فما يجري على أرض الواقع في السجون بمثابة حرب بكل ما تعنيه الكلمة، فمصلحة السجون تحاسب الأسرى من خلال رصد تفاصيل حياتهم، والمحاكم الداخلية تقر عقوبات لا توصف من خلال العزل الانفرادي لكل أسير تثبت عليه شبهة مخالفة اللوائح الداخلية، وصرخة الإضراب جعلت من الأسرى جسماً ينطبق عليه المثل “الكف التي تقاوم المخرز”، وعلى الجميع الوقوف بجانبهم خوفاً من انكسار شوكتهم، فمصلحة السجون بقرار سياسي مصممة على التنكر لمطالبهم وتراهن على ضعف المساندة الشعبية بالرغم من تصاعدها يوماً بعد يوم.
رسالة محرر
وجه المحرر جمال داود رسالة قوية إلى الشعب الفلسطيني بضرورة تكثيف الفعاليات المساندة، والاشتباك مع الاحتلال لتصل رسالة الأسرى.
عذابات
يدوره، كشف المحرر محمد خضر (42 عاماً) الذي أفرج عنه يوم الخميس من سجن مجدو بعد عام ونصف عام من الاعتقال الإداري، عن عذابات الأسرى في معركة الإضراب عن الطعام التي بدأت في السابع عشر من شهر أبريل الماضي، وتغول مصلحة السجون في قمع الأسرى، لإفشال إضرابهم عن الطعام وعدم تحقيق مطالبهم الإنسانية العادلة.
التنغيص على المفرج عنهم
يقول المحرر خضر لـ”المجتمع”: عند لحظة الإفراج تحاول المخابرات “الإسرائيلية” ومصلحة السجون التنغيص على الأسرى المفرج عنهم وتأخيرهم إلى ساعات متأخرة من الليل، فيوم الخميس حيث موعد إفراجي من سجن مجدو، تم تأخيري مع مجموعة من الأسرى المفرج عنهم حتى الساعة العاشرة مساء، وتغيير مكان الإفراج بشكل متعمد، وكانت هذه رسالة انتقامية لكل أسير مفرج عنه.
الوضع ساخن
وعن أوضاع السجون في ظل معركة الإضراب عن الطعام، قال المحرر المربي محمد خضر: منذ إعلان الإضراب عن الطعام، شرعت إدارة السجون في علميات قمع همجية وبشكل جماعي، وتهديد الأسرى الذين لم يدخلوا الإضراب بعقوبات غير مسبوقة، وتحولت السجون إلى أماكن قمع جماعية وإجراءات أمنية قاسية، حتى تشكل هذه الإجراءات صدمة قوية للأسرى في أول أيام الإضراب، إلا أن الأسرى تجاوزوا صدمة الإجراءات الأمنية القاسية، ما دفع الإدارة إلى التخبط في معاملتها للأسرى، فالأسرى حددوا جدولاً يومياً لدخول أفواج جديدة من الأسرى إلى الإضراب حتى يحدث الإرباك لمصلحة السجون، وانقلبت الصورة، حيث تمكن الأسرى من السيطرة على الإضراب وإرباك مصلحة السجون التي بدأت تستعين بالمستوى الأمني والسياسي في قضية التعامل مع الإضراب الحالي، فالأسرى في خطوتهم الحالية دقوا جدران الخزان بقوة، وجعلوا قضيتهم قضية ذات رأي عام يتحدث به الجميع، وهذا الذي كانت تتخوف منه حكومة الاحتلال.
تكاتف وتعاون
ويقول المحرر المربي خضر الذي يعمل في مجال التدريس وأمضى أكثر من 5 سنوات في الأسر: أظهر الأسرى في معركة إضراب الكرامة تكاتفاً وتعاوناً منقطع النظير، فعملية الإسناد الداخلي من قبل الأفواج الجديدة أدت إلى تقوية المضربين عن الطعام، والأسرى من الناحية الداخلية أحكموا كامل الحلقات من أي اختراق من قبل مصلحة السجون، والمنتظر من المساندة الشعبية قوة أكبر وضغط يصل إلى كل العناوين المحلية والإقليمية والدولية، فثمرات إضراب الكرامة بدأ يظهر من خلال الإدانات الدولية للتنكر لحقوق الأسرى ومطالبهم الإنسانية العادلة التي تقرها كل المواثيق الدولية.
حياة أسير مُضرب
وصف المحرر خضر حياة الأسرى المضربين قائلاً: ظل من لا يعرف الإضراب عن الطعام لا يستطيع تخيل معاناتهم، فحياة الأسير المضرب في خطر شديد في دقيقة تمر عليه، فأجسام الأسرى ليست واحدة، ونحن نتحدث عن إضراب جماعي وليس إضراباً فردياً، والأجسام مختلفة في قدرة التحمل، فهناك أسرى لا يستطيعون الوقوف وقضاء الحاجة، وآخرون في حالة سكون تام، ومن يشاهد الأسرى المضربين ينتابه شعور بالقلق والخوف، فحياتهم في دائرة الخطر، وأنقل هذه المشاهد من خلال جريدة “القدس”، وأطالب الجميع بالوقوف عند مسؤولياته، فكل يوم يمر يستغله السجان لكسر إرادتهم، فمصلحة السجون لم تتوقف عن اختراق الإضراب وإفشاله، ودخول قيادات أسيرة في إضراب الكرامة يشكل رافعة قوية.
وطالب المحرر خضر عدم الانتظار حتى يكون هناك انهيار جماعي للأسرى، فالأصل مساندتهم ومساعدتهم على تحقيق مطالبهم في أقرب وقت واختصار المعاناة.
مؤلفات في الأسر
المحرر المربي محمد خضر ألَّف عدة قصائد وطنية في الأسر، فهو تخصص لغة عربية، ونظم أشعاراً في فترة الأسر الأخيرة، وتم عقابه عليها من قبل مصلحة السجون بعد نشرها في الخارج.
وقال خضر: الأسر دفعني إلى توثيق تجربة الأسر الأخيرة بأشعار عن معاناة الأسرى وعائلاتهم في الفراق عنهم والغياب القسري وأثناء الزيارة، فالشعر من وظيفته توثيق العواطف والأحداث للأسير وعائلته.