السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا شاب عمري 17 عامًا، أُعاني من القلق من المستقبل، وأخاف مِن تعرُّضي للعنف مِن قِبَل أشخاص عنفوني سابقًا، مع عدم قدرتي على التعامل مع هذه المشكلة في المستقبل؛ لذلك أبدأ في التفكير في حلول عدة للتغلُّب على هذه المشكلة، وهذا يُهدِر كمية مِن الوقت اعتقادًا مني بأني بهذا التفكير سأتعامل مع الموقف بالشكل المطلوب، وأعود لأتساءل: لماذا أفكر هكذا؟ هل بسبب تعرُّضي للعنف مِن بعض الأشخاص؟ أو لأني أقتنع بفكرة أن هذا التفكير وكثرته سيحل المشكلة؟ أو لشيء آخر لا أعلم ما هو؟
أتعبني التفكير كثيرًا، وسيطر عليَّ، لكني أقف مع نفسي وقفةً أقوم فيها باستدراج الأفكار الإيجابية ليزول التفكير السلبي، وأنجح في أغلب الأوقات، ولكن أحيانًا أفشل.
أسأل نفسي دائمًا: ماذا لو أنَّ شخصًا غيري أتَتْهُ أفكاري، ماذا كان سيفعل؟ لماذا أضعف أمام الناس الذين عنَّفوني؟ كيف أستطيع التخلُّص مِن التفكير السلبي؟
الجواب:
الابن الكريم، حفظك الله، وأَذْهَبَ عنك الهم والحزن.
نُرحِّب بك، ونشكر لك ثناءك، كما نثني على محاولاتك الإيجابية في تخطي المشكلة، ومقاومة أبعادها النفسية، كونك تعمل على استدراج الأفكار الإيجابية لمساعدتك في التحرُّر من التفكير السلبي، كما أنك تنجح غالبًا في ذلك كما أشرتَ.
حقيقةُ مشكلتك هي: المعاناة مِن نوع من أنواع القلق الذي يُسمى بـ”قلق السُّلْطة”، الذي ينشأ نتيجة التعرُّض لخبرات سلبية سابقة مِن قِبَل مصدرٍ للقوة يفوق قوتك البدنية أو الفكرية، أو الوضع الاجتماعي، وهذا النوع مِن القلق يَحدُث غالبًا خلال مرحلة المراهقة.
والعلاجُ الفاعل للتغلب على هذا النوع مِن القلق هو العلاج السلوكي المعرفي؛ مما يُساعدك على مقاومة التفكير السلبي، وتفهُّم حقيقة تلك الأفكار غير المنسجمة مع الواقع، والتي تُعدُّ نوعًا مِن الهواجس النفسية التي تحتل مساحةً مِن الذهن، وتشغله عن الأداء والتفاعل الإيجابي مع الذات والمجموعات الإنسانية.
ويمكنك متابَعة مختص في مجال العلاج السلوكي المعرفي، للتخلُّص مِن مجموعة الخبرات السلبية وتفريغها عن طريق المحادثة لفترات متتالية قد تصل إلى 20 جلسة، إضافة إلى أنه بإمكانك ممارسة أساليب المساعدة الذاتية، والتي تقوم على الإيمان بقدرتك على مقاومة الأفكار والتخلص مِن القلق، ولو أنَّ شخصًا غيرك راودته تلك الأفكار حول احتمالية التعرض للعنف وتنمُّر بعض الأشخاص، فعليه أن يتحلى بالقوة المنبعثة مِن الإيمان بالله، وقدرته على حفظه مِن كل سوء، وقراءة الأذكار اليومية والتوكل على الله حق التوكل، ثم السير على هدى ويقين بقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51].
ثم الثقة بالذات والإيمان بالقدرة على تذليل الصعاب، والانشغال بالأنشطة، وأهمها الاندماج بين مجموعات الأقران اجتماعيًّا ودينيًّا، فلا شك أنَّ الجماعة تمد الفردَ بمشاعر الأمان، خاصة وأن الإنسان كائنٌ اجتماعي يستمد قوته مِن الجماعة، ثم التمسُّك بمُمارسة الرياضة التي تُساعد على بناء الجسم واكتساب القوة البدَنية، وتزيد مِن الثقة بالنفس، وتعمل على تكوين الشخصية، إضافةً إلى تحفيز الأداء الذهني إيجابًا.
وأخيرًا: احرصْ على أنْ تخرجَ مِن دائرة التفكير ما استطعتَ، واستبدل بالفكر السلبي الأفكارَ الواقعية، واجعلْ لك مِن وسطك الاجتماعي معينًا وحافزًا، ولا تنسَ ذكر الله الكثير؛ فإنه أقرب أبواب الفرج.
نسأل الله السداد والتوفيق.
المصدر: شبكة “الألوكة”.