عاد اسم مروة قاوقجي، صاحبة أشهر واقعة برلمانية في تاريخ معركة الحجاب في تركيا، إلى واجهة التطورات السياسية بالبلاد بعد أن عينت سفيرة لتركيا في كوالالمبور، وطردت قاوقجي من البرلمان ومنعت من أداء اليمين الدستورية بوصفها نائبة عن حزب الفضيلة، الذي كان يتزعمه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، عام 1999م بسبب ارتدائها الحجاب، قبل أن تسقط جنسيتها التركية بسبب حملها الجنسية الأمريكية.
وبعد 18 عاماً من هذه الواقعة، تصدّر اسم قاوقجي عناوين الصحف التركية الصادرة أمس، واحتل مساحات كبيرة في نشرات الأخبار والبرامج السياسية بعد أن صدر قرار الليلة قبل الماضية بتعيينها سفيرة لتركيا في كوالالمبور، ضمن تعيينات للسفراء أصدرتها الخارجية التركية وشملت 30 اسماً لم يلفت الانتباه أو يثر ضجة منهم سوى اسم قاوقجي.
وظل اسم قاوقجي يتردد في تركيا على الرغم من ابتعادها ووجودها في الخارج كرمز ثابت في عقول الطبقة المحافظة في تركيا. فبعد انتخابات 1999م، حيث كان الحجاب محظوراً في المؤسسات الحكومية التركية، أصبحت مروة قاوقجي نائبة عن حزب الفضيلة، لكن عند دخولها للبرلمان تم طردها ولم تتمكن من أداء القسم.
ولم تكن قاوقجي هي النائبة الوحيدة المحجبة، فقد دخلت معها نسرين أونال كنائبة محجبة عن حزب الحركة القومية لكنها رجحت خلع الحجاب وأداء القسم والبقاء تحت قبة البرلمان دون حجاب.
وجاء أشد رد فعل ضد دخول مروة قاوقجي البرلمان من رئيس وزراء تركيا في ذلك الوقت بولنت أجاويد، حيث أعلن أنه «لا أحد يتدخل في الحياة الخاصة للنساء في تركيا، لكن البرلمان ليس مكان حياة خاصة، على العاملين في القطاع الحكومي الانصياع لقواعد الدولة التركية، البرلمان ليس مكاناً لتحدي الدولة، رجاء عرفوا هذا المرأة حدها»، وحينها قام نواب حزب اليسار الديمقراطي إلى منصة أداء اليمين، ومنعوا قاوقجي من الصعود إليها.
وقال الرئيس التركي وقتها، سليمان ديميريل: إن مروة قاوقجي هي سبب التوتر في هذا البلد، وبعد هذه الحادثة تبين أنها تحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب جنسيتها التركية فطُردت من البرلمان بسبب عدم إعلانها عن الجنسية الأمريكية للجهات الرسمية التركية، وتم التصويت على رفع حصانتها البرلمانية، وبعد ذلك تم إسقاط جنسيتها التركية، وفي عام 2015م، وبعد 16 عاماً من هذه الواقعة، تمكنت 21 امرأة محجبة من أداء القسم في البرلمان بحجابهن بكل حرية، كان من بينهن رضوى شقيقة مروة قاوقجي، وهي الآن أيضاً نائبة رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وعبرت مروة قاوقجي عن سعادتها بدخول شقيقتها إلى البرلمان وأداء اليمين بحجابها خلافاً لما حدث معها، وقالت: إن ذلك حدث لأننا الآن في «تركيا الجديدة».
أما روضة قاوقجي نفسها، فعبرت عن سعادتها المختلطة ببقايا ألم، قائلة: إن «هناك عهداً جديداً باسم تركيا الجديدة قد بدأ، وباب تركيا القديمة غير المستقرة والمشجعة على العنصرية أصبح من الماضي ولا أثر له بعد اليوم، ولكن تحقق هذا الحدث بعد 16 عاماً، أمر محزن جداً، ولكن أكبر أمنياتي هي رفع التفرقة العنصرية بين المحجبة وغير المحجبة في تركيا».
وفي 26 مايو الماضي ألغى مجلس الوزراء التركي القرار الذي صدر بحق مروة قاوقجي عام 1999م، وقضي بسحب جنسيتها.
ولدت مروة قاوقجي عام 1968م في أنقرة، ونشأت في أسرة متدينة، وكان والدها يعمل أستاذاً لمادة الفقه الإسلامي بجامعة أنقرة، ووالدتها أستاذة للأدب التركي في الجامعة نفسها.
التحقت بكلية الطب عام 1988م، وبسبب سفر عائلتها إلى أميركا اضطرت إلى تركها حيث كان والدها تولى منصب مستشار في منظمة الاتحاد الإسلامي لفلسطين، ثم أصبح إماماً للجامع المركزي في ولاية دالاس، وأكملت دراستها في الجامعة خلال هذه الفترة وتخرجت في قسم هندسة الحاسوب. وبعد عودتها مع عائلتها إلى تركيا، عملت في صفوف حزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان. وبعد إغلاق حزب الرفاه بسبب الانقلاب العسكري في 28 فبراير (شباط) 1997م، انتخبت عام 1999م نائبة عن مدينة إسطنبول من حزب الفضيلة الإسلامي بزعامة أربكان.
حصلت قاوقجي على جائزة الأم لعام 1999م من منظمة رابطة الشباب الوطنين لمنتدى المرأة بالعاصمة أنقرة، وجائزة خدمة الإنسانية في عام 2000 من جمعية أسترالية، تقديراً لجهودها في تمكين المرأة المسلمة وتطوير حقوق الإنسان، ومنحتها جمعية المرأة والطفل الدولية جائزة الخدمة النموذجية لعام 2000 في الولايات المتحدة، كما حصلت على جائزة المرأة الأكثر نجاحاً في عام 2004م من الولايات المتحدة، وشهادة تقدير من جامعة نيويورك في العدالة الاجتماعية في عام 2006م، واختارتها جامعة جورج تاون من بين 500 مسلم هم الأكثر تأثيراً حول العالم في عام 2009م، وحصلت على جائزة الوفاء من جمعية التضامن من أجل حقوق الإنسان والمضطهدين بتركيا عام 2011. ونشرت الجريدة الرسمية في تركيا قرار حصولها على الجنسية التركية مجددا في 3 يوليو (تموز) الماضي، وعينت سفيرة لتركيا لدى ماليزيا بالقرار الصادر ليل الأربعاء 26 يوليو الماضي.