إقامة المستوطنات في الضفة الغربية على الأراضي الفلسطينيين والقرى المجاورة لها لا يقتصر على مصادرة الأراضي والثروات الطبيعية، بل تزحف إلى اسم المكان وعراقة التاريخ فيه، فتشطب الأصل ليصبح الدخيل مكان الأصيل.
ما يزيد على نصف مليون مستوطن في الضفة الغربية ينتشرون فوق تلال الضفة الغربية ويحاصرون أكثر من 450 قرية في الريف الفلسطيني يطلقون على مستوطناتهم أسماء جديدة تحمل الاسم القديم مع تغيير في اللفظ، باعتبار أن الأسماء توراتية للمستوطنات الجديدة، حسب زعمهم.
بروقين وبروخيم
رئيس بلدية قرية بروقين في محافظة سلفيت جبر صبرا يقول لـ”المجتمع”: أقيمت على أراضي قرية بروقين مستوطنات ثلاث منها مستوطنة بروخيم، وهي تحمل اسم القرية والمنطقة الفلسطينية ويتم تغيير الاسم إلى اللغة العبرية بتحريف اسم المكان، ومستوطنة بروخيم تحاصر أهالي القرية وتقتل فيهم الأمل في الحياة والتطور وهي تزحف إليهم وتعدم سبل العيش الكريم، كما أنها تغتال البيئة الفلسطينية من خلال مخلفات المصانع الاستيطانية والمياه العادمة التي تجري باتجاه أراضي القرية ومنازلها، وقد وجهنا عدة مناشدات لكن لا حياة لمن تنادي، فالكلمة السائدة في المنطقة للمستوطنين وجرافاتهم التي تواصل الليل والنهار وهي تعمل على تغيير معالم المنطقة، ولا نملك في البلدة إلا مشاهدة ما يجري دون أن نستطيع التحريك ساكناً، فسطوتهم على الأرض أصبحت هي العليا والفلسطيني لا حول له ولا قوة.
كفر قدوم وقدوميم
وفي موقع آخر، يقول منسق مسيرة كفر قدوم الأسبوعية مراد أشتيوي: مستوطنة قدوميم سرقت الاسم لقريتنا كفر قدوم وأصبحت قدوميم، وحرمتنا المستوطنة التي تعتبر من كبرى المستوطنات أي تواصل مع العالم، فمدخلنا الرئيس مغلق منذ عام 2000م بقرار من جيش الاحتلال، ونعيش في عزلة وقمع على مدار الساعة ودفعنا لغاية الآن فاتورة باهظة حتى نستطيع الوصول إلى العالم الخارجي من خلال مدخل القرية الرئيس والتاريخي، بينما سكان المستوطنة لهم كامل الحرية في التحرك ونحن في حرمان مطلق.
وأضاف: اسم قدوميم أصبح هو الاسم الطاغي لأن المستوطنة أصبحت مدينة على حساب قرية كفر قدوم العريقة، وعدد سكان القرية الأربعة آلاف يقابله أكثر من عشرين ألف مستوطن لديهم مرافق كبيرة بينما أهل القرية لا يملكون مدخلاً للتواصل مع المحيط الخارجي ويضطرون للسير 30 كم بينما من خلال المدخل المغلق لا تصل المسافة إلى كيلومترين فقط.
وقال أشتيوي: مستوطنة قدوميم أقامها المتطرف كاهانا، وفي أيام الحكم الأردني كانت معسكراً للجيش، وفي عام 1976 كانت عبارة عن كرافانات متنقلة، وبعد مرور أكثر من أربعين عاماً أصبحت عنوان المنطقة وأصحاب الأرض غرباء فيها.
صوفين وتسوفيم
وفي قرية جيوس، قال رئيس البلدية غسان الحرامي لـ”المجتمع”: مستوطنة تسوفيم أخذت اسم موقع صوفين التاريخي الكنعاني، وهذه المستوطنة أقيمت على أراضي جيوس بصفقات تزوير من قبل السماسرة مع شركات استيطانية وامتدت باتجاه جميع الجهات وقطعت على أهالي القرية سبل الاتجاه نحو الغرب، ومصانع تسوفيم تبث السموم في المنطقة، وهي تتربع على التلال المحيطة، فهي سرقت اسم المكان والمساحة المحيطة، وهي تتصل مع مستوطنات الداخل مثل سوريجال وكوخاف يائير بينما تحرم جيوس من أن تتصل بأراضيها المجاورة ومنازل القرية من الناحية الغربية أحاط بها جدار الفصل العنصري.