أحد أعلام الأمة، وعقلائها، وعُبّادها.
ولد سنة اثنتين ومائتين ببغداد، ونشأ بنيْسابور، وسكن سَمَرْقَنْدَ، وكان أبوه مَرْوَزياً.
سمع من محمد بن نصر، وهشام بن عمّار، وهشام بن خالد، والمسيّب بن واضح، ويحيى بن يحيى، وإسحاق.. وتفقه على أصحاب الشافعيّ.
قال الحاكم: هو الفقيه، العابد، إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة.
وقال الخطيب: كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة، ومَن بعدهم (في الأحكام).
وقال ابن حَزْم في بعض تآليفه: أعلم الناس من كان أجمعهم للسنن، وأضبطهم لها وأذكرهم لمعانيها، وأدراهم بصحتها، وبما أجمع الناس عليه مما اختلفوا فيه، وما نعلم هذه الصفة بعد الصحابة أتمّ منها في محمد بن نصر المَرْوَزيّ.
وقال أبو ذرّ محمد بن محمد بن يوسف القاضي: كان الصدرُ الأول من مشايخنا، يقولون: رجال خُراسان أربعة: ابن المبارك، ويحيى بن يحيى، وإسحاق بن رَاهُويه، ومحمد بن نصْر المَرْوَزيّ.
وقال أبوبكر الصَّيرَفِيّ: لو لم يصنِّف المَرْوَزيّ إلا كتاب «القَسامة» لكان من أفقه الناس، فكيف وقد صنف كتباً سواها!
وقال عنه ابن الأخرم: ولم تزل تجارتُه بنيسابور، أقام مع شريك له مُضارب، وهو يشتغل بالعلم والعبادة.
وقال عنه أحمد بن إسحاق: فأما محمد بن نصر فما رأيت أحسن صلاة منه، ولقد بلغني أن زُنبوراً قعد على جبهته، فسال الدم على وجهه، ولم يتحرك.
وقال ابن الأخرم: ما رأيت أحسن صلاة من محمد بن نصر، كان الذباب يقع على أذنه فيسيل الدم، ولا يَذُبُّه عن نفسه، ولقد كنا نتعجَّب من حسن صلاته، وخشوعه، وهيبته للصلاة، كان يضَعُ على صدره، فينتصبُ كأنه خشبة منصوبة، وكان من أحسن الناس خَلْقاً، كأنما فُقئ في وجهه حبُّ الرُّمّان، وعلى خدَّيْه كالورد، ولحيته بيضاء.
وقال السُّلَيمانيّ: محمد بن نصر، إمام الأئمة، الموفَّق من السماء.
توفي محمد بن نصر بسَمَرقَنْد في المحرم، سنة أربع وتسعين ومائتين(1).
العبر التربوية:
– حرص طلبة العلم على السماع من العلماء المعتبرين وأخذ الإسناد عنهم.
– تقديم التفقه في الدين.
– ضرورة الجمع بين الفقه والعلم وحسن العبادة.
– لا مانع للعالم الحكيم أن يجمع بين العلم والتجارة، بل ولا تلهيه تجارته عن العلم وذكر الله تعالى والعبادة.
– حسن صلاة العلماء وخشوعهم يجعلهم محل قدوة لكل مسلم كي يحسن عبادته ويخشع في صلاته.
– العبادة الصحيحة الخالصة لوجه الله تعالى والصلاة ذات الخشوع والتضرع والخضوع هي الزاد المعتبر والأسمى للدعاة والعلماء والمصلحين بل ولطلبة العلم من الشباب والناشئة.
والحمد لله رب العالمين.
________
الهامش
(1) تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية الكبرى جـ2، تحقيق عبدالفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي.