عمّ الغضب الصين بعد وفاة طبيب جراء فيروس كورونا المستجد، أمس الجمعة، كان قد وُبخ لأنه أطلق أول تحذير من ظهور فيروس تاجي جديد ما زالت حصيلة ضحاياه في ارتفاع، بينما لفتت منظمة الصحة العالمية إلى نقص معدات الوقاية.
وبعد أسبوعين من فرض حجر صحي على مقاطعة “هوباي” بؤرة المرض، تجاوز عدد المصابين بالفيروس 34 ألف شخص في البر الصيني، توفي 720 منهم، بحسب آخر حصيلة أعلنتها السلطات، وفي سائر العالم، تأكدت إصابة 240 شخصاً في نحو 30 بلداً أو منطقة أخرى، توفي منهم اثنان أحدهما في هونج كونج والثاني في الفلبين، وما زال آلاف السياح محتجزين على متن 3 سفن سياحية في البحر في آسيا بعد ظهور إصابات على متنها.
وبينما يبدو أن فرضية انتقال الفيروس من الخفافيش تتأكد، أعلن علماء صينيون أن البنغول أو أم قرفة وهو حيوان صغير من الثدييات هو “البؤرة الوسيطة” التي نقلت العامل الممرض إلى الإنسان.
لكن الوباء اتخذ بعداً سياسياً بعد وفاة لي وينليانغ، ليل الخميس الجمعة، وهو طبيب من “ووهان” كان أول من أطلق تحذيراً في ديسمبر بعد ظهور الفيروس في عاصمة مقاطعة هوباي، بحسب وكالة “فرانس برس”.
استدعاء من الشرطة
استدعت الشرطة الطبيب و7 أشخاص آخرين بعيد تحذيرهم من الفيروس، واتهمتهم بنشر شائعات، وبات هذا الطبيب بطلاً وطنياً في مواجهة المسؤولين المحليين المتهمين بمحاولة التكتم على المرض في بداية انتشاره، وكتب أحد زملائه على موقع “ويبو” للتواصل الاجتماعي: “إنه بطل أنذر بانتشار المرض ودفع حياته ثمناً”.
وقال أحد مستخدمي “ويبو” في تعليق حُذف مباشرةً بعد ذلك من الرقابة: “ليهلك كل هؤلاء المسؤولين الذين يملؤون بطونهم بالمال العام”.
وتوفي الطبيب لي البالغ من العمر 34 عاماً في المستشفى المركزي في المدينة المقطوعة عن العالم بسكانها البالغ عددهم 11 مليون نسمة، منذ 23 يناير، وانتقلت العدوى إلى طبيب العيون لي عندما كان يعمل على معالجة مريض.
وفي رد سريع على الغضب الشعبي، أعلنت السلطة المركزية فتح تحقيق في “الظروف التي كانت تحيط بالطبيب لي وينليانغ كما نقلها الناس” وإرسال فريق محققين في مجال مكافحة الفساد إلى المكان.
وفي إجراء نادر، ردت المحكمة العليا الاعتبار في يناير لثمانية أشخاص حاولوا تحذير السكان من انتشار المرض في بداية الوباء.
شي يطمئن ترمب
تشكل وفاة الطبيب الشاب انعكاساً لحالة الفوضى التي تعمّ مستشفيات ووهان مع تدفق المرضى إليها، وأقر مسؤول رفيع المستوى، الخميس الماضي، بأن الطواقم الطبية لم تعد كافية، وتفتقر لمعدات الوقاية من الفيروس، من أقنعة وبزات.
من جهة أخرى، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدانوم غبرييسوس خلال اجتماع للجنة التنفيذية للمنظمة في جنيف: إن العالم يواجه نقصاً مزمناً في معدات الحماية الفردية.
ويبدو أن وفاة هذا الطبيب قد أغرقت النظام الحاكم في حالة ذهول، فقد أعلنت وسائل إعلام رسمية مثل “التلفزيون الصيني الوطني” وصحيفة “جلوبال تايمز” وفاة لي، مساء الخميس، قبل أن تقوم بسحب الخبر من صفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي.
ومن دون انتظار تأكيد وفاة الطبيب، أعربت منظمة الصحة العالمية، من جهتها، عن حزنها.
في الأثناء، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ لنظيره الأمريكي دونالد ترمب، في اتصال هاتفي، أن بلده “قادر تماماً” على الانتصار على المرض، داعياً الولايات المتحدة إلى التعامل مع الأزمة “بشكل منطقي”، فيما منعت واشنطن دخول أجانب زاروا الصين إلى أراضيها، كما أفادت وسائل الإعلام الرسمية.
وأعلن ترمب عن “ثقته في قوة وقدرة” الصين على مكافحة الفيروس، بحسب البيت الأبيض.
وأمس الجمعة، صرح ترمب أن الصينيين “يعملون بجد، وأعتقد أنهم يقومون بعمل احترافي للغاية”.
وقال أيضاً: إن واشنطن وبكين “تعملان معاً” حول هذه القضية، “أعتقد أن الصين ستقوم بعمل جيد للغاية”.
سفن محاصرة
عززت دول عديدة في العالم القيود على دخول أشخاص قادمين من الصين إلى أراضيها، كما نصحت بعدم السفر إلى هذا البلد.
وواصلت دول أخرى إجلاء مواطنيها من ووهان، واستقبلت كندا خلال النهار طائرة أقلت 180 من رعاياها من المنطقة يشكلون أول دفعة من الكنديين الذين يتم ترحيلهم من ووهان، وكندا التي تشهد علاقاتها مع الصين توتراً، كانت آخر بلد غربي يقوم بتلك الخطوة.
في الأثناء، ما زال آلاف المسافرين عالقين على متن 3 سفن سياحية في آسيا، وقبالة سواحل اليابان، منعت سفينة “دايموند برينسس” من الرسو بعد تأكيد وجود 61 إصابة من بين ركابها وطاقهما البالغ عددهم 3700 شخص.
وفي هونج كونج، يواجه 3600 شخص الوضع نفسه على متن السفينة “ورلد دريم” التي تأكد وجود 3 إصابات على متنها.
وبحسب بيان للسلطات اليابانية، تأكد وجود إصابة على متن سفينة “ويستردام” المتجهة نحو اليابان.
من جهة أخرى، أعلنت تاييبيه أن زوجين تايوانيين تأكدت إصابتهما بالفيروس، انتقلت إليهما العدوى خلال رحلة جوية بين هونج كونج وإيطاليا.
والزوجان المتقاعدان لم يزورا الصين وأدخلا إلى المستشفى في الرابع من فبراير بعد عودتهما من إيطاليا، وقد مرا عبر هونج كونج في الذهاب والإياب.
وقالت وزيرة الصحة شين شيه-شونغ: “بعد مشاورة مختصين توصلنا إلى أن المكان المرجح للعدوى هو على متن الطائرة التي تقوم برحلة بين هونج كونج وإيطاليا”.
من جهة أخرى، فرضت السلطات الروسية وضع أقنعة صحية واقية على سكان مدينة خبروفسك في أقصى الشرق الروسي، وسيدخل هذا القرار حيز التنفيذ اعتباراً من الإثنين في عاصمة هذه المنطقة المحاذية للصين وتحمل الاسم نفسه.
وقالت السلطات: إن سبب الإجراء “هو ارتفاع عدد الإصابات بالأنفلونزا في خبروفسك ومنع انتقال كورونا المستجد”.