“الخيار الوحيد هو أن تنتظر الموت”.. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرا حول معاناة سكان مدينة إدلب عاصمة المحافظة التي تحمل نفس الاسم ومئات الآلاف من النازحين إليها.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي نشرته على موقعها الإليكتروني: “قبل الحرب في سوريا، كانت إدلب بمناظر أشجارها المصطفة ومبانيها ذات الحجارة البيضاء تعرف بهدوئها وأجوائها الريفية، أما اليوم فتفيض بالعائلات التي فرت من الحرب في مناطق أخرى في سوريا ليتضخم عدد السكان بحوالي مليون نسمة”.
وفي المدينة التي تئن بأحمالها، اتخذ البعض من المباني التي تعرضت للقصف مأوى، بينما أولئك الذين لم يجدوا ملجأ خيموا في استاد كرة القدم، والأكثر من ذلك يصطفون في الشوارع للحصول على المساعدات الغذائية.
السكان في المدينة وهي عاصمة محافظة إدلب، اعتادوا على القصف لدرجة أنه لم يعد أحد يرتجف عندما يسمع أصوات التفجيرات، لكن الأسوأ بالنسبة لآخر مدينة تسيطر عليها المعارضة لم يأت بعد، بحسب الصحيفة.
بالنظر إلى الشمال من المدينة يوجد نحو مليون شخص يعيشون على جانبي الطرق، وفي بساتين الزيتون التي تضم بالفعل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية خلال حرب السنوات التسع الوحشية في سوريا.
وبالتوجه جنوبا وشرقا، توجد القوات الحكومية المدعومة من الطائرات الحربية الروسية، حيث تقف حاليا على بعد 5 أميال من المدينة، وعندما تصل إدلب، من المرجح أن يفر سكانها ليتضاعف عدد النازحين في الشمال.
الدكتور حكمت الخطيب جراح عظام، حث والديها على الانتقال إلى بلدة في الشمال، ولكن عندما تعرضت للقصف قررت والدته البقاء في إدلب.
وقال الخطيب عن حديث والدته:” كلماتها صدمتني .. الخيار الوحيد هو أن تنتظر الموت”.
وفي استاد المدينة الذي خيمت فيها 100 أسرة، وتحول إلى ملجأ للطوارئ، كانت أمينة سهلول تقف حول موقد في غرفة تحت الأرض مخصصة للنساء والأطفال.
أمينة وصلت إلى الاستاد بعد أن هربت من قريتها في جوف الليل متشبثة مع أحفادها الخمسة خلف ابنها على دراجة نارية واحدة.
ووصفت الأوضاع في القرية بقولها:” لقد هربنا إلى هنا بسبب الغارات.. لقد بدأوا في ضرب القنابل العنقودية. وكأن السماء كانت تمطر نيرانا”.
أما حسن يوسفي فيقول وهو يتحرك حول ملجأ الرجال في الاستاد: “كلما سمعت أصوات الطائرات أبدأ بالركض كالمجنون، أفقد عقلي”، مشيرا إلى أن أخيه قتل في قصف للطائرات الروسية.
وتوصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان لاتفاق الخميس يهدف لوقف العمل العسكري لكنه لم يتطرق إلى سبل عودة النازحين أو الحماية من الهجمات الجوية.
وبعد ساعات من وقف إطلاق النار، وقعت اشتباكات دامية في إدلب يوم الجمعة مما كشف هشاشة الاتفاق بين روسيا، التي تدعم الأسد، وتركيا، التي تدعم مسلحي المعارضة لكن ليس لديها سيطرة كبيرة على المسلحين الإسلاميين في إدلب.
وأدى أحدث هجوم للجيش في الشهور الثلاثة الأخيرة إلى نزوح نحو مليون شخص في شمال غرب سوريا.