تزايدت خلال الساعات القليلة الماضية الدعوات المطالبة بتحقيق “دولي مستقل” لكشف ملابسات تفجير مرفأ بيروت الذي خلّف مئات القتلى والمفقودين وآلاف الجرحى، وفي مقابل ذلك يرى البعض ضرورة منح الثقة للقضاء المحلي.
وأول أمس الخميس، انضم كل من مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان، ورئيس حزب القوات سمير جعجع، إلى رؤساء الحكومات السابقين سعد الحريري، ونجيب ميقاتي، وتمام سلام، وفؤاد السنيورة، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في المطالبة بتحقيق دولي مستقل بالانفجار.
وفي اليوم ذاته، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته إلى لبنان بـ”إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف”.
لا نثق بقدرة الحكومة
وفي هذا السياق، كشف النائب عن الحزب التقدّمي الاشتراكي فيصل الصايغ أنّ الحزب سيتقدّم الإثنين إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي باستجواب للحكومة حول نقاط عدّة توصلت لها في التحقيق، بالإضافة إلى أنّه سيكون هناك توجّه للادعاء في النيابة العامّة التمييزيّة في ملف تفجير المرفأ.
وقال الصايغ لـ”الأناضول”: طالبنا بالذهاب إلى لجنة تحقيق دوليّة، لأنّ في المرفأ هناك تواجداً لكافّة الأجهزة الأمنيّة، ونحن لا نثق بأن تصل الحكومة إلى نتيجة.
وأضاف: في الوقت الذي دفع فيه الشعب اللبناني خسائر هائلة، نخشى أن يتم لفلفة الموضوع، لذا نحن لا نستطيع أن نسلّم الحكومة تحقيقاً على إهمال تسبّبت به.
وتابع: الغاية معرفة من وراء مادّة الأمونيوم، وهي موجودة في المرفأ لصالح أي جهّة.
ووفق تحقيقات أولية، وقع الانفجار في عنبر (12) من المرفأ، الذي قالت السلطات: إنه كان يحوي نحو 2750 طناً من “نترات الأمونيوم” شديدة الانفجار، كانت مصادرة ومخزنة منذ عام 2014.
والأربعاء، قرّرت الحكومة في جلستها الاستثنائية وضع كل المسؤولين في مرفأ بيروت تحت الإقامة الجبرية إلى حين انتهاء التحقيقات.
بالمقابل، كلفت قيادة الجيش اللبناني، الخميس الماضي، الشرطة العسكرية بمتابعة تحقيقات انفجار مرفأ بيروت تحت إشراف القضاء المختص.
توجّه سياسي
وفي هذا الصدد، اعتبر وزير الداخليّة السابق مروان شربل أنّ “التوجّه إلى لجنة تحقيق دوليّة هو توجّه سياسي”.
وأوضح لـ”الأناضول”: لبنان يعيش في تجاذبات سياسيّة، ولا سيّما بعد تشكيل الحكومة برئاسة حسان دياب التي أطلق عليها حكومة اللون الواحد.
وفي معرض رده على سؤال حول تسبب الإهمال في التفجير، قال: الإهمال لا شكّ أنّه حاصل، إلّا أنّ التحقيقات جارية لمعرفة من أهمل ومن هو المسبب، بالرغم من أنّ هناك كتابات حصلت من قبل مسؤولين أنّ هذه المواد تشكّل خطرًا.
لاستعادة ثقة الشعب.. التوجّه إلى لجنة دوليّة
وفي هذا الإطار، أكّد النائب عن كتلة المستقبل محمد الحجار، لـ”الأناضول”: لا ثقة لقدرة القضاء اللبناني بإمكانيّة الكشف عن جريمة تفجير مرفأ بيروت، ولا ثقة في جسم الدولة من جانب الشعب اللبناني.
وأضاف الحجار: إذا كان هناك نيّة لاستعادة ثقة الشعب، أقلّه التوجه إلى لجنة تحقيق دوليّة قادرة على التحقيق بجديّة وحقيقة ما حصل، ولا سيّما وأنّ التحقيق سيكون بإشراف دولي وعربي.
توقيع على عريضة
بدوره، شدّد النائب عن كتلة القوات اللبنانيّة، عماد واكيم، على أنّ القوات طالبت بإصرار بتشكيل لجنة دوليّة للتقصي حول تفجير المرفأ وباشرنا بتوقيع عريضة لنرفعها إلى السلطات المختصّة.
وقال لـ”الأناضول”: هناك مسؤوليّة تقع على من سمح بوضع هكذا مواد في مرفأ مدني داخل المدينة.
لا رهان على الخارج
من جهته، قال النائب عن حركة أمل (يترأسها رئيس مجلس النواب)، محمد نصرالله: نحن لا نؤيد التوجه إلى الخارج لمعالجة قضايا خاصّة.
وتابع: نحن من أصحاب الرأي الذي يقول: إذا لم نتفق كلبنانيين على إدارة شؤون بلدنا بجميع تفاصيلها فلا نعتقد أنّه علينا الرهان على الخارج ليكون أكثر حرصًا على بلدنا.
وختم نصر الله في حديثه لـ”الأناضول”: نثق بالأجهزة الأمنية والقضائيّة اللبنانيّة بالرغم من وجود ملاحظات، وهذه الأجهزة إن حصلت على الثقة بالإجماع الوطني بإمكانها أن تكون على قدر هذه الثقة.
وكان نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي قد اعتبر أن المطالبة بتحقيق دولي “تعني إلغاء الدولة اللبنانية”.
ويزيد هذا الانفجار من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر تداعيات أزمة اقتصادية قاسية، واستقطاباً سياسياً حاداً، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.