لا شك أحبابي في الله؛ الإنسان عمومًا يحتاج إلى ما يرفّه به عن نفسه بين فترة وأخرى، ليزيل عن نفسه ثقل الحياة والعمل جسديًا ونفسيًا، وبالنسبة للإنسان المسلم واجب عليه ذلك أيضًا حيث الأخذ بالترفيه المنسجم مع الشريعة من غير أن يخالفها، ولكن كما جاء بالنص “لا إفراط ولا تفريط”، ولا غلو سلبًا أو إيجابًا، فالغلو نتائجه غير محمودة لا شك.
الترويح والترفيه لا شك هو نشاط له أصوله وطبيعته لتنشيط الإنسان وتجديد حيويته وعطائه، ويكون هذا الترفيه في أوقات الفراغ من أجل التنفيس وإدخال السعادة والسرور على النفس، ومن ثم من حولك وأحبابك الذي يسعدون بسعادتك.
بعض إخواننا الدعاة في البلاد -حفظنا الله وإياهم- وفي بلاد الإسلام عمومًا، يتشدد في رفض ما هو مطلوب العمل فيه إسعادًا للناس وإدخال السرور عليهم ترفيهًا، فالبعض يتشدد ويمنع مظاهر الترفيه والبهجة والسرور ويضع ويصنع كل ما هو مانع لذلك علانية، ويتشدد ومع الأسف في ذلك باسم الزهد والدعوة إلى الله تعالى، وأن هذا الترفيه مضيعة للوقت الذي أنت مسؤول عنه أمام الله تعالى؛ بل ويعمل على أن ينقل هذا التشدد لمن حوله من أصدقاء ودعاة وتلاميذ له أحيانًا. فلذلك -أيها القارئ الكريم- لا نستغرب من الإعلام العربي والمسلم وكثرة مؤسساته الإعلامية الترفيهية غير الملتزمة، والسيئة أحيانًا وحقيقة مقابل المؤسسات الإسلامية التي لا تجد فيها حتى بعض الدقائق للترفيه، بل لا نجد إلا أعمالهم الجادة والمتشددة أحيانًا، والجدل بين بعض المشايخ، وهذا المذهب وذاك، أما الترفيه والترويح عن النفس أستطيع أن أقول وبكل ثقة إحصاؤه فيها من (0 – 1%) فلذلك؛ هذا الكتم، وهذا الصد عن الترويح والترفيه يكون مقابله ترفيه إبليس من مؤسسات إعلامية أخرى مع الأسف.
نعم هذه المعادلة مفقودة أو شبه مفقودة في المؤسسات الإسلامية الإعلامية؛ بل وكثير من المشايخ مع الأسف يقدم العرض التقليدي غير الجاذب؛ بل حتى بعض المؤسسات الحكومية الناجحة من إذاعات القرآن كانت لديهم بعض البرامج الشبابية الجاذبة الناجحة، برامج تجمع بين المعرفة الترفيهية والترفيه المعرفي الثقافي، ولكن داء الحسد والغيرة وقصر النظر، ووضع الرجل غير المناسب في مواقع حساسة تحتاج لبُعد نظر وفنية راقية، أوقف هذه البرامج الناجحة مع الأسف.
بالمناسبة، أذكر أو كما يقولون “الشيء بالشيء يُذكر”، أقولها وكلي محبة وحب في الله واحترامًا لهذا الرجل الداعية المتجدد المميز الفذ، الذي استحوذ على قلوب الكثير من الشباب والشيوخ والشابات والعجائز حفظه الله تعالى وكثر الله من أمثاله، وذلك لفنه الدعوي الذي لا يرقى له أي داعية، وما رأيت مثله فنانًا في دعوته إلى الله تعالى، أسأل الله تعالى أن يأجره خيري الدنيا والآخرة، هذا هو الشيخ الداعية الفاضل الشيخ سليمان الجبيلان حفظه الله تعالى؛ الذي استحوذ على القلوب، وعلى العقول الفطنة الذكية المرحة المتفائلة.
نعم، الإسلام دائمًا وأبدًا هو الدين الوسط الذي يقوم النفس باتباع الخير بلا تنطع أو تشدد والابتعاد عن طريق الاعوجاج (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) (الفاتحة)، هذا هو الإسلام لا إفراط ولا تفريط، وكما أعطاك الله حقوقاً للآخرين أيها الإنسان المسلم كالوالدين والأولاد والزوجة والجار والأرحام؛ أيضاً أعطِ نفسك حقها عليك وذلك في ما هو مريح لها ما دام في حدود الحلال ورضا الله تعالى، وكما قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، عندما صدق قول سلمان: “إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ”.
أيضاً، وكما قال سيدنا علي رضي الله عنه: “أَجِمُّوا هَذِهِ القُلوبَ، فإنها تَمَلُّ كَمَا تَمَلُ الأبدان”.
نعم، الترفيه عن النفس عبارة عن أنشطة متاحة شرعًا نافعة للعقل والجسد ونفسية الإنسان وذهنه، حيث يجدد نشاطه بعد إرهاق زحمة العمل وضغط الحياة فيكون بعض وقت الإنسان في هذا الترفيه الذي يجدد النشاط والحياة ويسعد القلب والروح والوجدان ويصفي الذهن للانطلاق من جديد.
_____________________
إعلامي كويتي.