الجنة هي غاية الإنسان المسلم، فأمنيته استقرار فيها وخلود بفضل الله تعالى ومنته سبحانه وبرحمته، ولا شك هذه الجنة لا بد لها من وسائل لكي تصل إليها أو تحصل على الوثيقة التي هي “وثيقة الدخول لجنة الخلد”، أو “ضمان الحنة”.
وهذه الوسائل ذُكرت في كتاب الله تعالى، وذكر لنا منها الكثير والكثير نبي الله صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى أكرمنا وسهّل لنا هذه الأمور والوسائل التي من خلالها نستلم وثيقة “ضمان الجنة”.
وقد اختصر رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا هذه الوسائل بأسطر بسيطة سطّرها لنا عليه الصلاة والسلام في قوله: “اضمنوا لي ستاً أضمن لكم الجنة..”، ما هذه الست؟ هل هي عبور أعماق البحار، أو تسلق أعالي قمم الجبال، أو زراعة الوديان نخيلاً ورماناً، أو إزالة أضخم الجبال، أم هي جلب جبال الجليد من القطبين لجزيرة العرب؟!
لا والله، هي أمور تملكها أنت أيها العبد وتتعامل معها تلقائياً؛ كلاماً وحركة ونظراً وخُلقاً، تأمّل قول المصطفى وانظر كم هي سهلة وميسّرة لكل مسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اضمنوا لي ستاً أضمن لكم الجنة؛ اصدقوا إذا حدّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم وكفّوا أيديكم”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم
هي أمور منك وفيك أيها العبد وتستعملها تلقائياً، وما عليك إلا أن تحسن النية والإخلاص لله تعالى، ستجد نفسك تعمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وصيته “السداسية” إذا صح التعبير.
تخيل، هناك ما هو أسهل، فمن الأعمال التي تدخل وتضمن فيها وثيقة “ضمان الجنة” أن تقرأ “آية الكرسي” دُبر كل صلاة من صلوات الفرائض الخمس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت”؛ أي: الضمان تستلمه كوثيقة لدخول الجنة وأنت في الحياة الدنيا.
تخيل أن من أسباب دخول الجنة حرصك على نظافة الطريق لعدم إيذاء المارة، وهذه الرواية تشمل أيضاً النهي الضمني بعدم إلقاء الفضلات والقمامة في غير مكانها المخصص، فانتبه لذلك أيها المسلم الحريص على دخول الجنة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس”.
وهناك ما هو أسهل من ذلك، نعم أسهل! ولكن عليك أن تخلص النية إخلاصاً لله تعالى، وحسن ظن به جل جلاله؛ وهو القائل عز وجل: “أنا عند حُسن ظن عبدي بي”.
أما الوسيلة الأسهل التي أعنيها وتضمن فيها “وثيقة الجنة”، هذا الدعاء الذي أطلق عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم “سيد الاستغفار”، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة”.
نعم، سهَّل الله تعالى لنا الطريق، وذلك برحمة الله تعالى حيث سهل لنا الطريق برحمته، وبيَّن لنا الوسائل برحمته، وجعلها في متناول الكل؛ الضعيف والقوي، برحمته، ويسَّرها وجعل بعضها من جِبِلّتنا وفطرتنا تلقائياً برحمته، ويدخلنا الجنة برحمته الرحمن الرحيم، وأولاً وأخيراً كلنا تحت رحمته سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده، لا يدخل الجنة أحد منكم بعمله”، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: “ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمةٍ منه وفضل”، والباء هنا كما قال أهل اللغة وعلومها هي باء العوض؛ يعني الجنة ليس مقابل عملك، ولكنها في الأول والآخر تدخلها برحمته سبحانه وتعالى.
______________________
إعلامي كويتي.