يبدو أن خصوم الإخوان، على اختلاف أقطارهم، يشتركون بصفة واحدة، وهي أن لهذه الخصومة جذوراً نفسية!
خذ مثلاً أن كاتباً يفتخر كثيراً بليبراليته ويهاجم الإخوان بالطالعة والنازلة، زعلان لأن الكويت هي الدولة العربية الوحيدة التي يعمل فيها الإخوان بحرية! ويبدو أنه معجب بحجم الحريات في هذه الدول، لم لا، وقد طالب مرات ومرات بتقييد حركتهم وقمعهم!
كاتبه بحرينية معروفة بخصومتها للإخوان كتبت في اليوم نفسه في «الشرق الأوسط» منزعجة من السماح للإخوان في الكويت والبحرين بالتظاهر السلمي لدعم غزة في حربها مع الصهاينة! وتستنتج من هذا التحرّك وجود ارتباط بين هذه التجمعات في كلا البلدين وبين التنظيم العالمي للإخوان المسلمين (!!)، وتطالب بوضع حد لدعم هذه التجمعات للمجاهدين في غزة! ويزعلون إن قلنا إن عندنا صهاينة عرباً أكثر من صهاينة اليهود!
اليوم نشاهد تحركات شعبية في شوارع خليجية وعربية، وقد كتب أكثر من حساب في تويتر معروفين بخصومتهم للإخوان يجزمون بوجود خيوط للإخوان المسلمين بهذه التحركات، أو كما سماها أحدهم بجولة جديدة لربيع عربي جديد!
التيار الليبرالي والعلماني في الكويت بالذات وصل به الأمر الى حد غير مسبوق من المعاناة النفسية مع هذا التيار الإسلامي المعتدل! وخذ مثلاً ما يشيعونه اليوم عن مقابلة رموز في هذا التيار مع بعض المراجع العليا، وكيف أن هذه المراجع أغلظت القول عليهم بسبب ارتباطهم الخارجي وتحريضهم للعنف! وهم يعلمون جيدًا أن الأمر لم يكن أكثر من عتب الأب لابنه في موضوع محلي حدث فيه شيء من الالتباس، ثم تم توضيحه لاحقاً! لكن ماذا تقول في ناس لا ذمة لهم ولا ضمير في نقل الأخبار!
مشكلة هؤلاء نفسية بالدرجة الأولى، فهم يكرهون الظاهرة الدينية بجميع أشكالها، بمعنى يكرهون سماع الأذان ينادي للصلاة، ويشمئزون من رؤية البنت المسلمة تلبس الحجاب، ويكرهون سماع أخبار نجاح التيار الإسلامي في أي انتخابات نزيهة!
إنهم يعيشون أزمة نفسية مع الدين وليس مع التيار! لذلك تجدهم ينعتون كل هذه الظواهر ويربطونها بالتيار الإسلامي نفسه حتى يبرروا لأنفسهم موقفهم العدائي لها!
المخرج من أزمة الحكومة والمجلس
إذا أُريد الخروج من هذه الأزمة الدستورية وعلاج الخلاف المستفحل بين البرلمان والحكومة، فلنرَ الخيارات التالية:
١ – استقبال النواب والاستماع لهم وموافقتهم لحل مجلس الأمة، وهذا كلفته عالية.
٢ – حل الحكومة، وتعيين رئيس لها يتعاون مع النواب في أهم القضايا المتفق عليها، وأولها العفو الخاص، بغض النظر عن المواقف الأخرى.
إن ما يجب أن يعلمه الكثيرون اليوم أن عودة مسلم البراك وجمعان الحربش وزملائهما سيكون لها الأثر الكبير في تهدئة الساحة السياسية، ولن أستبعد قيام النواب المذكورين بقيادة التحرك لهذه التهدئة التي ينتظرها الجميع لطي صفحة من الخلاف الطويل، والبدء من جديد في العمل الوطني المشترك، وبتعاون بين السلطتين فقدناه منذ أمد بعيد!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.