أكد عدد من الخبراء على التراجع الاقتصادي الكبير خلال السنوات الثمانية منذ الثالث من يوليو عام ٢٠١٣م حتى الآن بسبب سوء إدارة اقتصاد البلاد واللجوء للقروض التي ارتفعت معدلاتها بشكل كبير فاق الحدود الآمنة وهو ما يهدد البلاد بشكل غير مسبوق نظراً لابتلاع فوائد هذه الديون لموارد الدولة.
ولفتوا في حديثهم لـ ” المجتمع ” إلى التراجع الكبير في الميزانية والعجز في الميزان التجاري والخلل الكبير في الاقتصاد المصري نتيجة سوء الإدارة وسيطرة الجيش على اقتصاد البلاد وغياب الفكر المؤسسي والاهتمام بأنشطة ومشروعات لا تعود بالفائدة على المواطن البسيط والمثال الصارخ على هذا – حسب رأيهم ـ إنشاء عاصمة إدارية مقابل إهمال خدمات عاجلة بالصحة والتعليم وخلافه.
الانفجار قادم لا محالة
وفي سياق تعليقه قال رئيس المنتدى الاقتصادي المصري أحمد خزيم إن الاقتصاد المصري في السنوات الثماني الأخيرة عقب ما جرى في ٢٠١٣ تعبر عنه أرقام الموازنة العامة حيث الاعتماد على القروض باعتبارها المورد الرئيسي دون النظر إلى أي عائد من عوائد الانتاج رغم أن مصر دولة لديها مصادر انتاج عديدة تصل إلى خمس مصادر: زراعي وصناعي وبحري وخدمي وسياحي وكل نوع من هذه الاقتصاديات يمكن أن ينتج ويحسن إيرادات الدولة المصرية.
ويضيف خزيم في حديثه لـ “المجتمع”: مصر اعتمدت على الاقتصاد الريعي ثم اقتصاد القروض وبشراهة شديدة جداً وتجاوزت الـ 60 % في القروض وهي النسبة الآمنة وتشكل عائق، وتسبب عجز في الانفاق، وتلتهم أكثر من 50 % من موارد الدولة بفوائدها واقساطها، لافتاً إلى أنه لا توجد رؤية اقتصادية أو خريطة استثمارية ولا يوجد قرار اقتصادي مبني على دراسات جدوى وغياب كامل للمؤسسات وهو ما جعلنا نتوجه إلى صندوق النقد الدولي وتعويم الجنيه وزيادة فوائد القروض وارتفاع الأسعار وانهيار الطبقة المتوسطة.
وحذر خزيم من انفجار هذه الأوضاع في وجه الجميع ما لم يتم تداركها، وهذا ما أدت إليه السنوات الثماني حيث إدارة أمر الاقتصادي المصري بطريقة غير علمية أو مؤسسية وغياب كامل لمراكز الإنتاج ومع ذلك لازال لدينا فرصة فرغم الأزمة المعقدة إلا أنه يمكن تدارك ذلك إذا تم إدارة الأمور بشكل مختلف.
تجاهل الطبقات الفقيرة لحساب الغنية
أما الخبير الاقتصادي ممدوح الولي فيري أن المشكلة الرئيسة تكمن في اختلاف الأولويات ما بين الحاكم وما بين جموع المواطنين، فالحاكم يريد عاصمة جديدة والناس تعتبر ذلك رفاهية وإسراف في ظل عجز مزمن بالموازنة يتسبب في تدنى نصيب الاستثمارات الحكومية منذ سنوات، وهو الملمح الأبرز لما بعد ٣ يوليو عام ٢٠١٣م في بلد به عجز مزمن بالموازنة أدى لاستحواذ فوائد وأقساط الدين الحكومي على 54 % من الإنفاق بالموازنة، وتمتد فترة أجل قروضه الخارجية الى عام 2071.
ويضيف الولى لـ ” المجتمع”: أوضح التعداد الأخير للسكان أن هناك 8.1 مليون فرد مصري يستخدمون دورات مياه مشتركة، حيث يقيمون فيما يسمى مساكن الشرك والتي تتضمن سكن عدة أسر في شقة واحدة بحيث تقيم كل أسرة في حجرة ويستخدمون المطبخ ودورة المياه بالمشاركة فيما بينهم وهذا يعكس بوضوح حال المصريين والاقتصاد المصري بعد الثالث من يوليو.
وانتقد الولي إنشاء عاصمة إدارية جديدة ومدينة جديدة بالعلمين بها مقر صيفي للوزارات مثلما كان الحال أيام الملك فاروق، معتبرا ذلك نهج لا يصب في صالح التنمية في وقت يشهد تكدس بالفصول الدراسية وخدمة متدنية بالمستشفيات الحكومية، ونسبة 46 % من السكان ليس لديهم صرف صحي حسب بيانات تعداد السكان الأخير.
بطالة بمعدلات غير مسبوقة
وفي سياق تعليقه أكد الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي مصطفي عبد الله لـ ” المجتمع” على الفشل الكبير والمأساة التي تعيشها مصر سواء بارتفاع الديون بشكل غير مسبوق، وكذلك ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه منذ الثالث من يوليو عام ٢٠١٣م، فضلا عن انتشار البطالة بمعدلات كبيرة وانخفاض الأجور، في ظل هيمنة كبيرة للمؤسسة العسكرية على الاقتصاد، وممارسة نوع من الجباية أثقل كاهل المواطن البسيط بحيث أصبح لدينا طبقتين فقط فقيرة وغنية وشبه غياب للطبقة المتوسطة.