مع دخول الصيف واشتعال بورصة المصايف والدخول لحمامات السباحة في الأندية للترفيه.. تظهر بمصر كل عام تقريباً قضية منع المحجبات من الدخول لبعض الشواطئ وحمامات السباحة ببعض الأندية، وفق ما هو مرصود.
الأمر جريمة تنمر واضحة بحسب قانونيون تحدثوا لـ”المجتمع” لكن لم تشهد تطوراً إيجابياً في ملاحقة المتهمين حتى الآن، بسبب عدم تحرك الضحايا في المسار القانوني وعدم تفعيل المادة 53 من الدستور التي تحظر التمييز، وهو ما يدق جرس الإنذار بشكل يبلور الحاجة الملحة لإصدار قانون جديد وإنشاء مفوضية لعدم التمييز.
دعوى قضائية وتنديد قانوني بالجريمة
تنمر متجدد!
وشهدت مصر قبل أيام، تجدد للتنمر بحق الفتاة المصرية “راندا طاحون”، حيث فوجئت برفض طلبها بقضاء يوم في مسبح بنادي خاص بسبب رغبتها في ارتداء المايوه المحتشم “البوركيني”، بالإضافة إلى رد قاسي وصفته في تعليقات لها بأنه تنمر صريح يعاقب عليه القانون.
وبرر النادي في تصريحات لمالكه بأنه نادي للأجانب، ولا يريد دخول محجبات عنده، لأنه يحاول توفير “جو أوروبي ” وفق تعبيره الذي جاء في مقابلة مع صحيفة “المصري اليوم” الخاصة.
راندا التي أعلنت الملاحقة القانونية لأصحاب النادي، أبدت دهشتها من وجود أماكن بمستوى أعلى مادياً واجتماعياً من ذلك النادي ولكن تسمح بارتداء “البوركيني”.
“دهشة راندا”… ليست الوحيدة فهناك حالات عديدة معلنة وشهيرة بمصر منذ بدء الصيف، بجانب حالات أخرى غير معلنة بحكم تقاليد تأبى في مصر تصدر المرأة في جدل اجتماعي وفق مراقبين، لكن واقعة “دينا هشام” ابنة خبيرة العلاقات الأسرية الشهيرة بمصر د.هبة قطب، كانت الأكثر تأثيراً.
ظهرت دينا هشام في مقطع مصور مؤثر، أخيراً، نشرته عبر صفحتها الشخصية على “إنستجرام”، تتحدث فيه باكية بسبب منع أحد النوادي نزولها حمام السباحة، بسبب رغبتها في ارتداء “البوركيني”، ما جذب تعاطفاً معها، وأثار هجوماً كبيراً ضد الرافضين للمايوه المحتشم، لمعرفة الأوساط المصرية بمدى اعتدال أسرة د. هبة قطب.
لكن قادت الكاتبة النسوية فاطمة ناعوت، هجوماً حاداً هذا الصيف من خلال كتاباتها والبرامج التليفزيونية التي تظهر فيها، ضد “البوركيني”.
وفي المقابل ظهرت موجة تضامن في الفترات الأخيرة لدعم “البوركيني “، منها ما صدر عن المدونة المصرية الشهيرة مروة حسن، داعمة للبوركيني من خلال عدد من الصور وهي ترتديه، منددة بأي تنمر ضد لبس المحجبات في المسبح.
وشاركت الفنانة المعتزلة حنان ترك متابعيها على حسابها الرسمي بموقع إنستجرام بفيديو لها من خلال خاصية القصص القصيرة، أثناء قضاء عطلة صيفية بأحد الملاهي المائية، وهي ترتدي “البوركيني”، ما أثار حافزاً أكبر في الأوساط العائلية لدعم “البوركيني”.
مطالبة بإنشاء مفوضية لعدم التمييز وملاحقة المتنمرين
إنشاء مفوضية
الحقوقي والخبير القانوني محمد أبو العزم يرى في حديث لـ “المجتمع” أن ما يحدث من منع تعسفي من جانب بعض النوادي والشواطئ للبوركيني هو مخالف للقانون والدستور، ويعبر عن تمييز وتنمر يقع تحت طائلة الملاحقة القانونية في حال تصعيد الأمر قانونياً عبر تحرير محضر بالواقعة.
ويشير إلى أن ضحايا التنمر على البوركيني يكتفين بالتجريس الإعلامي إذا كن من صاحبات الحضور الإعلامي أو يكتفين بالصمت إذا كن من غير المعروفات، وهو الأمر الذي لا يترتب عليه إجراء قانوني في ظل تحصين إدارات السياحة المنظمة للأمر حكومياً أو المشرفة عليه لنفسها بالتأكيد عدم جواز منع المحجبات من نزول المسبح أو الشاطئ بالمايوه البوركيني.
ويدعو إلى اتخاذ الضحايا إجراء قانوني لتفعيل الدستور والقانون في هذا الصدد ما يدعو لإقامة سلطان القانون في النفوس طالما لا يردعه مباديء أخلاقية وقدسية حرية شخصية حماها الدستور.
ويشير المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة بمصر عمرو علي الدين إلى أن المادة رقم 53 من الدستور المصري تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الإجتماعى، أو الإنتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر، كما تنص المادة على أن التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون.
ويدعو علي الدين في حديث لـ “المجتمع” الدولة إلى أن تلتزم باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء علي كافة أشكال التمييز والتنمر، عبر تقديم مشروع قانون لمجلس النواب لإنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض، طبقاً للمادة الدستورية، وهو ما لم يتم حتى الآن.
ويوضح على الدين أن من أهم الحقوق الشخصية للمرأة التنقل بحرية كاملة خاصة بحجابها داخل جميع الأماكن ومنها الشواطئ وحمامات السباحة والنوادي وغيرها، دون المساس أو الانتقاص منها أو من حقوقهم، مستنكراً أي مساس بهذه الحقوق المستقرة عرفاً وشرعاً قبل أي تشريع محتمل بمصر.
ومن المقرر أن تنظر محكمة القضاء الإداري بمصر في 4 سبتمبر القادم جلسة جديدة في دعوى قضائية تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن اتخاذ جميع الإجراءات القانونية بشأن إلغاء كافة القرارات والتعليمات واللوائح والتنبيهات سواء مكتوبة أو شفهية الصادرة من الأندية والفنادق والمنشآت العامة والخاصة، التي تحظر دخول المرأة المحجبة وتمنع نزولها حمام السباحة بها بالحجاب والمايوه المحتشم.
واختصمت الدعوى رقم 55949 لسنة 75 ق كلا من رئيس الوزراء ووزير الرياضة ووزير السياحة والنائب العام ورئيس المجلس القومي للمرأة مؤكدة ضرورة إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات القانونية وكل التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز مع ما يترتب على ذلك.