كثيرون منا يتحدثون عن المستقبل بشيء من الخوف، إلا أن المستقبل هو بعلم الله تعالى، ويجب أن ننظر له بتفاؤل ما دمنا مؤمنين بالله ونستغل يومنا وحاضرنا بشكل طيب وصحيح، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم التشاؤم والطيرة، والإسراع والإصرار على التفاؤل وحب الخير ورؤيته، وهذا لا يكون إلا بالتصرف الحسن الذي يحتوي الخير قولاً وعملاً وحركة وسكوناً ونية خالصة لله تعالى.
وحسن المستقبل هذا من حسن الظن بالله تعالى الذي أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دمنا مؤمنين واجب علينا أن نحافظ على هذا الظن الحسن بربنا جل وعلا.
نعم، فحسن الظن بالله هو الطريق القويم الذي نقتحم فيه المحن والعقبات بسلام من غير أن تكون لها تداعيات وإسقاطات نفسية سلبية على الإنسان تفكيراً وعملاً.
فهذا ربنا جل جلاله يذكرنا بقدوتنا وأسوتنا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم؛ يقول في كتابه العظيم: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، والنبي صلى الله عليه وسلم أوذي بأشد أنواع الإيذاء؛ قتل أصحابه، وأخرج من بلاده، ومع ذلك كان دائم التفاؤل لإتمام الرسالة والإنجاز، حتى اكتمل الدين ليس من أجل عصره فقط، ولكن للدنيا حتى قيام الساعة، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)، وقال تعالى: (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً..).
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في إطلاق الأسماء على الناس يرفض الاسم الذي يوحي الى التشاؤم والحزن أو ما شابه، ويقدم الحسن الذي يحمل معاني الخير والتفاؤل والسرور، وكما جاء في صحيح البخاري حينما مر جد سعيد بن المسيب على النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمه “حزْناً”، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “ما اسمك؟”، قال: اسمي “حزْن”، قال صلى الله عليه وسلم: “بل أنت سهلٌ”، قال: ما أنا بمغير اسماً سمانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت فينا الحزونة بعد.
للأسماء أثرها على الناس وصاحب الاسم سروراً وحزناً، وتعاملاً، فلو غيّر جد ابن المسيب اسمه؛ أقسم بالله العظيم لقال سعيد بن المسيب يوم أن غير جده اسمه إلى “سهل” اتباعاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فما زالت فينا السهولة والسرور بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
ولا تنسَ، أيها القارئ الكريم، أنه من أسباب دخول السعادة والسرور على النفس والقلب إدخال السرور والسعادة على الآخرين، وهذه دائماً أذكّر به نفسي أولاً وأذكركم به، ولقد بيّن ذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: “من نفَّس عن مؤمن كربة نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”، كلام موجز وقليل جمع الدنيا والآخرة بكل ما هو جميل، ولا نتيجة له إلا السعادة والسرور دنيا وآخرة.
والسرور الذي يدخله العبد على أخيه المسلم أو الإنسان لا شك له ردود خير على حياتك أيها المسلم، له الإيجابية على النفس والروح والوجدان وعقل القائم بهذا الخير كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكما قال أهل العلم: إن قضاء حوائج المسلمين أفضل من بعض نوافل العبادات، وبيَّن لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: “ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد”.
وأي مسجد هذا يا ترى الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إنه الحرم المدني وليس أي مسجد؛ فعليك أن تتخيل ما قيمة هذا السرور الذي أدخلته على قلب أخيك! وما السرور حينها العائد على روحك وعقلك وقلبك ووجدانك دنيا وآخرة أيها المسلم الساعي للخير والسرور والسعادة! وفقنا الله وإياك لما يحب ربنا ويرضى.
———————-
إعلامي كويتي.