توم فاندين بروك وكيت سيميني
في غضون 6 أيام أو أقل، سيوضع آخر عضو في الخدمة الأمريكية على متن الرحلة الأخيرة في نهاية للوجود الأمريكي المكلف الذي استمر لـ 20 عامًا في أفغانستان.
فبموجب الموعد النهائي للانسحاب في 31 أغسطس، يدخل انسحاب القوات الأمريكية مرحلته النهائية الخطيرة، والأفغان الذين ساعدوا المجهود الحربي الأمريكي سوف ينخرطون في صراع حياة أو موت وهم يحاولون هم وعائلاتهم تأمين مقاعد في واحدة من آخر الرحلات الجوية المغادرة.
وبالنسبة للمدنيين الذين يحاولون الجلاء -وخاصة من المواطنين الأفغان- أصبح الوصول إلى المطار في العاصمة كابل أكثر خطورة حيث قام مقاتلو “طالبان” بإغلاق الطرق المؤدية إليه، أما بالنسبة لأولئك الذين يعبرون نقاط التفتيش التابعة لـ”طالبان”، فإن شبح المفجرين الانتحاريين من تنظيم “الدولة الإسلامية” يحوم الآن فوق الحشود المتدفقة نحو المطار.
هل ستفجر أمريكا مخلفاتها من الأسلحة والطائرات؟
وقد صرح مسؤولون أمريكيون لصحيفة “USA TODAY” أن الانسحاب الأمريكي من المرجح أن ينتهي بتفجير الطائرات الحربية الأمريكية للأسلحة المستخدمة الآن لحماية الإجلاء، وعلى الرغم من مغادرة الآلاف من الأفغان، فإن كثيرين آخرين لن يتمكنوا من الخروج لأنه لن يكون هناك ما يكفي من الوقت أو المساحة على متن الطائرات، على حد قولهم.
وفي الوقت الذي يهدف فيه الرئيس جو بايدن إلى الانسحاب الكامل بحلول 31 أغسطس، سيتم تقليص رحلات إجلاء المدنيين، ثم إيقافها، مما يفسح المجال لسحب آخر القوات وبعض معداتهم، حسبما قال مسؤول أمريكي، غير مصرح له بالتحدث علناً، مطلع على العملية.
وقد تم التخلي عن الزي العسكري في كابل، حيث احتشد الآلاف من الناس في مطار المدينة، في محاولة للفرار.
وقد قال بايدن: إنه أمر بالتخطيط للطوارئ في حالة عدم الوفاء بالموعد النهائي، وقال: إن الالتزام بالجدول الزمني سيعتمد على تعاون “طالبان” في ضمان ممر آمن للأمريكيين، وكان هذا التعاون ملتبساً في أحسن الأحوال، حيث قام مقاتلو “طالبان” بضرب الأمريكيين والأفغان عند نقاط التفتيش المؤدية إلى المطار.
الأيام الأخيرة خطيرة بالتأكيد
وأوضح مقاتلو “طالبان”، الذين أطاحت القوات الأمريكية بهم في عام 2001، أن القوات الأمريكية لن تكون موضع ترحيب بعد 31 أغسطس الجاري، وبموجب اتفاق أبرم مع الرئيس دونالد ترمب، امتنعت “طالبان” عن مهاجمة قوات الولايات المتحدة، وما لم يتوصل الدبلوماسيون إلى اتفاق لتمديد الموعد النهائي للانسحاب، فمن غير الواضح ما سيحدث.
وتعهد مسؤولو البنتاجون برد سريع ومدمر إذا هاجمت قوات “طالبان” طائرات أو قوات أمريكية على الأرض، فالمطار جزيرة في كابل محاط بنقاط تفتيش تابعة لـ”طالبان”، وقال المسؤول الأمريكي: إن المتشددين قد يطلقون العنان لحشود من شأنها أن تطغى على المطار، مكرراً الفوضى على مدارج الهبوط في الأيام الأولى من الإخلاء.
يقول سيث جونز، النائب الأول لرئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية والمستشار السابق لقائد العمليات الخاصة الأمريكية في العراق: إن الأيام الأخيرة من الوجود الأمريكي ستكون متوترة بشكل متزايد وستختبر قدرة “طالبان” على الحفاظ على بعض مظاهر النظام في أفغانستان، وهناك خطر آخر على القوات الأمريكية متمثل في جماعة مسلحة تنتمي لتنظيم “الدولة” وتُدعى “ISIS-K”، وتعتبر عدواً لدوداً لـ”طالبان”، وأشار مسؤولون أمريكيون، من بينهم بايدن، إلى التهديد بشن هجوم على المطار.
ويضيف جونز: الأيام الأخيرة خطيرة بالتأكيد، حيث تحاول الجماعات المفسدة مثل تنظيم “الدولة الإسلامية” استهداف الولايات المتحدة وإحراج “طالبان”، سيكون هذا في الواقع اختبارًا جيدًا لقدرات “طالبان” في مجال مكافحة التجسس ومكافحة الإرهاب لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم منع تنظيم “الدولة الإسلامية” أو منع هجوم إرهابي آخر.
هناك أمل ضئيل لإجلاء المتعاونين
يقول المسؤول الأمريكي: إن المواطنين الأمريكيين الذين يظهرون عند بوابات مطار حامد كرزاي الدولي سيجدون مقاعد في واحدة من الرحلات الأخيرة، لكن سيتم ترك أي شخص آخر، غير أمريكي، في الخلف.
يتصاعد اليأس للمواطنين الأمريكيين والأفغان الذين ساعدوا القوات الأمريكية خارج المطار، وقد قال السكرتير الصحفي للبنتاجون جون كيربي، أمس الأربعاء: إن المشغلين الخاصين الأمريكيين اقتحموا حيًا في كابل لجمع حوالي 20 أمريكيًا غير قادرين على الوصول إلى المطار.
بالنسبة لبعض الأفغان المستضعفين، هناك أمل ضئيل في إنقاذ قوات “الكوماندوز” الأمريكية لهم، وبدلاً من ذلك، يقوم أشخاص مثل نجيب رحيمي، المترجم الذي عمل في الجيش الأمريكي قبل عقد من الزمن، برحلة خطرة إلى المطار كل يوم، متحدين نقاط تفتيش “طالبان” ويأملون في الحصول على فرصة للهرب.
يقول رحيمي: إنه تقدم بطلب للحصول على تأشيرة هجرة خاصة لكنه لم يحصل على الموافقة، وصرح رحيمي لصحيفة “USA TODAY” عبر الهاتف: إنه يقف وعائلته في المطار لمدة 12 ساعة في كل مرة، تحت أشعة الشمس الحارقة، ويتعرضون لهجمات الغاز المسيل للدموع والضرب على أيدي الحراس، وتعرضت ابنتاه، البالغتان من العمر 9 سنوات والتوءم اللذان يبلغان من العمر 6 سنوات، للدهس من قبل حشود مذعورة وتقيؤوا بسبب الحر، وقال: إن مقاتلي “طالبان” اكتشفوا مخبأ الأسرة وهم فارون.
“طالبان” تحمي السفارة والمطار
وقال كيربي: إن انسحاب القوات الأمريكية يجب أن يتم بطريقة متسلسلة ودقيقة، وسيكون الأمن “أولوية قصوى”، وفي وقت متأخر من يوم الثلاثاء، أعلن كيربي أن عدة مئات من المقر الرئيس وموظفي الصيانة قد غادروا كابل، وأوضح أن القوات المتبقية تحمي المطار والذين يتم إجلاؤهم.
قبل أن تطيح “طالبان” بالحكومة الموالية للولايات المتحدة، قام حوالي 1000 جندي بحماية السفارة الأمريكية والمطار، وقال كيربي، الأربعاء: إن السفارة مهجورة وليس فيها حراس أمريكيون، ومنذ 14 أغسطس، أرسل البنتاجون حوالي 5000 جندي إضافي لتأمين المطار بعد أن هاجمت حشود يائسة من الأفغان طائرات الشحن الأمريكية على المدرج.
وقد تترك الولايات المتحدة بعض المعدات العسكرية الأمريكية وراءها، وقد صرح كيربي، أنه إذا دعت الحاجة إلى تدميرها، “سنفعل ذلك، وسنفعل ذلك بشكل مناسب”.
القوات الأمريكية تطير بطائرات هليكوبتر هجومية من طراز “أباتشي” للحماية في المطار، واستخدموا طائرات هليكوبتر ضخمة من طراز شينوك لإخراج المواطنين الأمريكيين العالقين ونقلهم إلى المطار، وقال مسؤول دفاعي مطلع على المعدات في المطار لكنه غير مصرح له بالتحدث علنًا عن الانسحاب: إن بعض هذه الطائرات ستُترك على الأرجح، لذلك هناك مساحة على متن طائرات الشحن النفاثة من طراز “C-17” لآخر القوات.
وقال مسؤول الدفاع: إن الانسحاب أصبح مشكلة حسابية، يمكن للقوات الجوية تشغيل عدد محدود من الرحلات بأمان إلى مطار كابل كل يوم، وأضاف المسؤول أن سوء الأحوال الجوية، وهو أمر غير مألوف في أفغانستان، يمكن أن يخفض هذا العدد، ولا يوجد سوى مقاعد للجنود، والمركبات والمعدات مصدر لقلق ثانوي.
مستحيل سحب كل العتاد الحربي
قال المسؤول الدفاعي: إن غارة جوية لتدمير تلك المعدات أمر مرجح، وقد أقر البنتاغون بأن طائرات حربية من طراز “F-18″، تعمل من حاملة طائرات في بحر العرب، تقوم بدوريات فوق كابل، وتمتلك القوات الجوية قاذفات بعيدة المدى من طراز “B-1″ و”B-52” التي قامت برحلات قتالية إلى أفغانستان لسنوات من قاعدة “العديد” الجوية في قطر.
وقال المسؤول الدفاعي: إن القوات قد تستخدم قنابل يدوية حارقة لتدمير معدات حساسة مثل أجهزة الراديو، وأحد هذه الأجهزة يحترق بدرجة حرارة تزيد على 4000 درجة فهرنهايت ويمكنه اختراق الفولاذ.
في أبريل، عندما أعلن بايدن الانسحاب، خطط البنتاغون للإبقاء على 600 جندي في كابول لحماية السفارة والمطار، ولكن انهارت هذه الخطط بعد سيطرة “طالبان”.
ومن المرجح أن تكون القنابل الأمريكية التي تدمر المعدات العسكرية الأمريكية هي المهمة النهائية.
_______________________
المصدر: “يو إس توداي”.