قال الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) (الأنفال: 2)، فهذه صفات أولياء الرحمن، بتفكرهم بصفات العظمة والجلال، تهتز القلوب وتوجل خوفًا وفزعًا من عظمة الله، فيمتنعوا عن الحرام قولًا وفعلًا، لأنهم استحضروا مراقبة الله لهم في السر والعلانية.
وأما حالهم مع قول الله تعالى: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد: 28)، فهم قد أنسوا بالله، فسكنت أرواحهم لذكره، وتفكروا بصفات الرحمة والعفو فاطمأنت القلوب لباريها، فانفردت بمناجاته والخلوة به، فنتج من ذلك أن أقبلت هذه القلوب على الطاعة والخيرات، بحب ورغبة ومسارعات.
فهذا القلب يوجل ويطمئن بحسب قربه من الله، وقد جمعت هاتين الحالتين الآية في قول الله جل في علاه: (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الزمر: 23).
فحال العبد بين خوف ورجاء؛ (وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً) (الأنبياء: 90).
كالطائر يطير إلى الله بجناحين؛ جناح الخوف وجناح الرجاء، ورأسه المحبة، حتى يصل إلى الله عز وجل، ويُبشّر بقول الله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ {27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً {28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي {29} وَادْخُلِي جَنَّتِي) (الفجر).
فاللهم ارزقنا قلوبًا مطمئنة، وحياة طيبة، ننال بها خيري الدنيا والآخرة، إنك سميع مجيب الدعاء.