جاءت تصريحات أعضاء لجنة العفو الرئاسي بمصر مؤخراً -التي تم إعادة تشكيلها عقب الدعوة لحوار وطني- لتعكس نوعاً من التمييز والإقصاء والتفرقة بين المعتقلين، حيث التأكيد على عدم الإفراج عمن ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، وذلك عقب الإفراج عن عدد من معتقلين محسوبين على ما يسمى بـ”التيار المدني”.
وهو ما أكده طارق الخولي، عضو اللجنة والمحسوب على ثورة يناير، بقوله: “لا عفو لأي منتسب للإخوان”، معتبرًا أنهم يضرون الأمن القومي، حسب تصريحاته بإحدى الفضائيات.
وهو ما تقاطع مع تصريحات طارق العوضي أيضاً، عضو اللجنة، بتأكيده الإفراج عن معتقلي الرأي، وأنه لا يمكن الإفراج عمن دعموا الإرهاب، ملمحاً لأعضاء جماعة الإخوان والمحسوبين عليها.
لا يمكن التعويل عليها
وفي سياق تعليقه، قال البرلماني السابق أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين د. جمال حشمت: لا أحد عاقلاً يعول على ما سمي بلجنة العفو الرئاسي وشخصياتها من المشبوهين في العمل السياسي والحقوقي، متسائلاً: كيف ننتظر منها إنصافاً أو تعقلاً أو قراراً لصالح هؤلاء الضحايا؟
وأضاف حشمت، في حديثه لـ”المجتمع”، أن من يعول على هذه اللجنة وأعضائها عليه أن يناشدهم ويستفسر منهم وحينها سيفاجأ، في حين معروف أنهم جزء من آلة انتقامية كبيرة، بجانب منظومة قضائية فاسدة أشاعت الظلم وأضاعت حق المظلومين ومكنت للفساد والاستبداد، فإذا كان رب البيت من أهل البيت منتقماً؛ فشيمة الصغار الرقص والطبل!
وحول إمكانية إعادة النظر من جانب اللجنة في هذه التصريحات، أكد حشمت أنه لن يحدث، وأنه لا قيمة لمناشدتهم بذلك، كما أن مناشدتهم لا تصح ولا قيمة لكلامهم سوى كشف الغطاء عنهم وتعرية مواقفهم، ويؤكد أنهم أداة للتدليس فقط، داعياً الله أن يفك الكرب على مصر وأهلها داخل المعتقلات وخارجها.
ورقة للمساومة
ومن جانبه، أكد الحقوقي هيثم أبو خليل رفضه لهذه التصريحات العنصرية، مبدياً أسفه لهذه الأجواء، لافتاً إلى أن الاعتقال تم في أيام قليلة، بينما الإفراج يستغرق وقتاً طويلاً، وهذا يؤكد عدم وجود نية حقيقية للإفراج، والذي يعكس ذلك هو هذا التباطؤ.
وحول إمكانية التفاؤل بما تم الإفراج عنه من أعداد، أكد أبو خليل لـ”المجتمع” أن ما أفرج عنهم لا يمكن التعويل عليه، مشيراً إلى أن ما تم الإفراج عنهم حتى الآن عدد ضئيل جداً ولم يتجاوز 16 فقط.
وحول تصريحات طارق الخولي، عضو اللجنة، أكد رفضه لها، مشيراً إلى أن الخولي يدعي أنه من ثوار يناير، بينما هو الذي يدعو للتمييز ولا يتعامل مع القاعدة التي تقول: “إن من ذاق الظلم لا يظلم”، مشيراً إلى أن السلطات لن تفرج عن المعتقلين لأنها تعتبرهم مخزوناً إستراتيجياً وورقة للمساومة بهم، ومحاولة لإرضاء الكيان الصهيوني.
مخيبة للآمال
بدوره، وصف مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار تصريحات بعض أعضاء اللجنة وخاصة الخولي، والعوضي، بأنها مخيبة للآمال، ومعبرة عن عنصرية وإقصاء تتنافى مع التصريحات النارية التي أدلوا بها في بداية عملهم من تحقيق العدل والمساواة وإنهاء معاناة الآلاف من المعتقلين.
وأضاف العطار لـ”المجتمع”: بالرغم من مرور أشهر على تفعيل هذه اللجنة، وبالرغم من مساهمتها في إخلاء سبيل عدد محدود من المحبوسين احتياطياً المنتمين للتيار المدني بقرار من النيابة واثنين فقط من المحكوم عليهم بأحكام نهائية والمستحقين لشروط العفو الرئاسي، فإن المعتقلات وأماكن الاحتجاز المصرية مكتظة بآلاف المعتقلين لسنوات طويلة ومعاناة مستمرة لم تنتهِ لأسر فئات مختلفة من أبناء الشعب المصري من محامين ومدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين والآلاف من البسطاء والنشطاء السياسيين من مختلف التيارات السياسية المعارضة.
وأشار العطار إلى أن الجميع في مصر يعلم أن الآلاف من المعتقلين اعتقلوا بسبب محاضر تحريات واتهامات باطلة لا تستند إلى أدنى معايير المهنية والعدالة، بمشاركة النيابة العامة والمحاكم المصرية بجزء من انتهاك القانون وتقنين الافتراءات والاتهامات الباطلة، مطالباً بإنهاء تلك الحقبة من الزمن وبداية حقبة جديدة يتمتع فيها الجميع بحريتهم وعودتهم لأسرهم دون تمييز أو إقصاء.