“اختَر صانع حريق لرئاسة قسم الإطفاء، ومن المؤكد أنك ستواجه حرائق ينبغي إطفاؤها”.. هذا بالضبط ما يحدث في الأراضي المحتلة الآن منذ تنصيب زعيم اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وزيراً للأمن القومي.
لم يستغرق الأمر أكثر من أسبوع للوزير الجديد، الذي أدين في الماضي بالتحريض على الكراهية العنصرية، ليفعل ما لم يرغب به رئيس وزرائه بنيامين نتانياهو. والمقصود بذلك زيارته إلى باحة المسجد الأقصى في القدس، واحد من أكثر المواقع حساسية على هذا الكوكب.
وأفاد موقع “إذاعة فرنسا” أن لدى بن غفير هدفاً واضحاً: يريد تحدي الوضع الراهن القائم منذ 1967، والذي يحظر على اليهود الصلاة في الساحة، التي أقيم عليها هيكلهم المقدس، منذ حوالي 2000 عام.
ومنذ صباح الثلاثاء، أدخلت هذه الزيارة الأمنية المشددة إسرائيل في عاصفة دبلوماسية كان نتانياهو ليبلي بلاء حسناً بدونها.
المعارضة في الداخل والخارج
تصرف إيتمار بن غفير وكأنه يتحدى إسلاميي “حماس” الذين حذروه من ذلك. ولكن الحقيقة هي أن الجميع تقريباً كانوا ضد هذه الزيارة.
استدعت المملكة الأردنية الهاشمية، المسؤولة عن إدارة حرم المساجد، السفير الصهيوني يوم الثلاثاء لانتقاد ما حدث. كما شجبت الإمارات العربية المتحدة الزيارة، وكذلك فعلت السعودية.
{tweet}url=1610537652939268097&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
حتى الحامية التقليدية للكيان الصهيوني، الولايات المتحدة، وصفت محاولة تغيير الوضع الراهن للكيان الصهيوني بأنها “غير مقبولة”. وأوضح التقرير أن واشنطن لا تريد أن ترى اندلاع أزمة أخرى في الشرق الأوسط- في سياق عالمي متفجر بالفعل.
متواطئ أم رهينة؟
ويمكن للأمريكيين أن يتذكروا أن نتانياهو صرح بأنه لن يسمح لبن غفير بتغيير الوضع الراهن في القدس، قائلاً: “أعلم أنه سيضرم النار في الشرق الأوسط ويضع مليارات المسلمين ضدنا”. وكان ذلك في 2020.
{tweet}url=1611011945171230723&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
ولكن منذ ذلك الحين، أدرك نتانياهو أنه لا يمكن أن يفوز في انتخاباته التشريعية الخامسة في أربع سنوات دون دعم حزب بن غفير اليميني المتطرف، عوتسما يهوديت (“القوة اليهودية”).
وهكذا تصبح قضية المسجد الأقصى هي الاختبار للائتلاف الصهيوني الجديد؛ وكان نتانياهو أبرم اتفاقية مع القوى المتطرفة، التي لا تنوي لعب دور ثانوي في حكومته الجديدة. وشمل ذلك أيضاً إعلان عضو برلماني من حزب بن غفير أن احتلال الكيان الصهيوني للأراضي الفلسطينية كان “نهائياً”. وهو التصريح الذي يدفن فكرة وجود دولتين، إسرائيل وفلسطين.
وهكذا أنشأ نتانياهو ائتلافاً يذهب إلى أبعد من أي شيء تجرأ على القيام به، وهو ما من شأنه أن يغير طبيعة الكيان الصهيوني. وسيتعين على رئيس الوزراء في القريب العاجل أن يقرر ما إذا كان متواطئاً مع المتطرفين الذين استولوا للتو على “إسرائيل” أو مجرد رهينة لهم. وقد يحدد هذا الاختلاف الدقيق إلى أي مدى يمكن لتحالفه البقاء على قيد الحياة.