في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بـ«اليوم العالمي للمرأة»، تقبع 29 أسيرة فلسطينية في سجون الاحتلال الصهيوني؛ حيث يتعرضن لشتى أنواع التعذيب.
وقال نادي الأسير، في بيان بمناسبة «اليوم العالمي للمرأة» الذي يصادف اليوم الثامن من مارس: إن الاحتلال يواصل اعتقال 29 أسيرة في سجن «الدامون»، أقدمهن الأسيرة ميسون موسى من بيت لحم، والمعتقلة منذ عام 2015.
وأضاف نادي الأسير أن من بين المعتقلات طفلتين؛ إحداهما تجاوزت سن الطفولة قبل عدة أيام، وهما نفوذ حمّاد من القدس، وزمزم القواسمة من الخليل، التي أتمت عامها الـ18 قبل عدة أيام.
وأشار إلى أن الاحتلال صعَّد، العام الماضي وبداية العام الجاري، من جرائمه وانتهاكاته بحق النساء الفلسطينيات، مع تصاعد عدوانه الشامل على شعبنا، لافتًا إلى أن جرائمه وانتهاكاته اتخذت عدة مستويات بحقهن.
وبيَّن أن الأمر لم يقتصر على سياسة الاعتقال، بل استخدمت سلطات الاحتلال بشكل أساسي جريمة العقاب الجماعي بحق أمهات الشهداء والأسرى وزوجاتهم.
واعتبر النادي أن العام الماضي أكثر الأعوام دموية منذ سنوات، فقد شكل محطة قاسية، وصعبة على المرأة الفلسطينية.
تعذيب وابتزاز
بدورها، سلطت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان الضوء، في تقرير لها، على واقع الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال ومعاناتهن في الأَسْر جراء سياسات الاحتلال العنصرية.
وذكرت المؤسسة الحقوقية، في تقريرها، أن الأسيرات الفلسطينيات اللواتي يقبعن في سجن الدامون يعانين على مر السنوات؛ بسبب مضاعفة الاحتلال الانتهاكات التي تُرتكب بحقهن سواء في داخل السجن أو في أقبية التحقيق ومراكز التوقيف أو أثناء الاعتقال.
وأوضح التقرير أنه تتواجد في هذا السجن الواقع في أحراش الكرمل بمدينة حيفا حالياً 29 أسيرة فلسطينية، بينهن 15 أسيرة صدرت بحقهن أحكام متفاوتة، أعلاها الأسيرتان شروق دويات، وشاتيلا أبو عياد (16 عاماً)، و15 أسيرة مريضة بأمراض مختلفة، إضافة إلى معتقلة إدارية واحدة، وطفلتين قاصرتين، وما زالت 13 معتقلة موقوفة للمحاكمة في محاكم تفتقر لضمانات المحاكمة العادلة.
ومن بين الأسيرات 7 جريحات، أصعبها حالة الأسيرة إسراء جعابيص (32 عاماً)، من القدس، التي اعتقلتها قوات الاحتلال بعد إطلاق النار على سيارتها؛ مما أدى إلى انفجارها وإصابتها بحروق شديدة شوهت وجهها ورأسها وصدرها وبترت أصابعها، وحكمت عليها قوات الاحتلال بالسجن لمدة 11 عاماً.
وأوضحت المؤسسة، في تقريرها، أن النساء الفلسطينيات يتعرضن منذ لحظة الاعتقال لشتى أنواع التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، حيث يتم اعتقالهن في كثير من الأحيان بعد إطلاق النار عليهن، أو على الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش والمعسكرات، أو أثناء زيارة أبنائهن في السجون، وأحياناً من منازلهن بعد اقتحامها في ساعات الفجر وترويع عائلاتهن.
وأشارت إلى أن الأسيرات يتعرضن للتحقيق في مراكز التحقيق المختلفة، حيث يقبعن موقوفات في ظروف صعبة لا تصلح للعيش الآدمي.
وذكرت أنهن يتعرضن للتعذيب النفسي والابتزاز والتهديد، تحديداً المعتقلات الأمهات اللواتي يتم ابتزازهن بأطفالهن.
إهمال طبي متعمد
وبيَّن التقرير الحقوقي أن سلطات الاحتلال تنتهج سياسة الإهمال الطبي بحق الأسيرات الفلسطينيات اللواتي تعاني معظمهن من إصابات جسدية أو من أمراض جسدية ونفسية.
وأوضح أن الأسيرات الجريحات يُنقلن إلى سجن الدامون قبل تعافيهن الكامل من الإصابة، وتبدأ رحلة المعاناة ما بين السجن والمشافي، وذلك بعد مماطلة من إدارة مصلحة السجون.
وأشار التقرير إلى أن إدارة السجن تقوم بعزل الأسيرات اللواتي يعانين من ضغوطات نفسية في غرف وحدهن، مما يفاقم من الحالة النفسية والصحية للأسيرة، والمماطلة في إدخال الأطباء النفسيين لمعاينة الأسيرات وتقديم العلاج والإرشاد اللازم لهن، وتستبدل ذلك بإعطائهن أدوية وعزلهن في الغرف.
وفي 2 يوليو 2022، استشهدت الأسيرة الفلسطينية سعدية فرج الله في سجن الدامون نتيجة للإهمال الطبي الذي تعرضت له، حيث بدأت قبل أسابيع من استشهادها تعاني من التعب والهزال العام، ولا تستطيع المشي وحدها، مع العلم أنها كانت تعاني من الضغط والسكري، وتم نقلها إلى المستشفى بعد ضغط من الأسيرات، وادعت إدارة السجن أن سعدية لا تشكو من شيء بحسب الفحوصات، وأنها «تُمثِّل» حتى تخرج من السجن.
وفي آخر جلسة محاكمة، طالبت الأسيرات بأن تكون جلسة سعدية بواسطة تقنية «الفيديو كونفرنس»؛ لأنها لا تقوى على الذهاب للمحكمة في رحلة معاناة طويلة في البوسطة، إلا أنه رفض الاحتلال الطلب وتم نقلها إلى المحكمة بواسطة كرسي متحرك.
ظروف اعتقال قاسية
من جهتها، ذكرت هيئة شؤون الأسرى أنه في 8 مارس ما زالت المرأة الفلسطينية تدفع فاتورة جرائم الاحتلال «الإسرائيلي».
وقالت الهيئة، في هذه المناسبة: ظلم يمارس بحقهن من قبل محتل «إسرائيلي» غاصب، يعربد وينكل بهن، هتك السنين وتجاعيدها، غرف مظلمة ومتسخة، وبرد قارس يعشش بين عظامهن، وجعه كاف لإنذارهن بأنهن في مقبرة للأحياء، وغطرسة احتلالية من قبل إدارة تنتهج كافة أساليب الضغط، سواء النفسية منها أو الجسدية، كالضرب والحرمان من النوم والشبح لساعات طويلة، والترهيب والترويع، دون مراعاة لأنوثتهن واحتياجاتهن الخاصة.
وأضافت أن عمليات الاعتقال لم تقتصر على فئة محددة من النساء، وإنما طالت نساء يمثلن مختلف قطاعات وشرائح المجتمع الفلسطيني لتشمل الاعتقالات الأمهات، حيث تحتجز قوات الاحتلال 6 أمهات يحرمهن الاحتلال من احتضان أبنائهن.
وطالبت الهيئة المجتمع الدولي تحديداً والجمعيات النسوية العالمية بتحمل مسؤولياتها تجاه المرأة الفلسطينية، والضغط الحقيقي للإفراج عن كافة الأسيرات الفلسطينيات المحتجزات في سجن الدامون.
ومنذ عام 1967 تعرضت قرابة 17 ألف فلسطينية للاعتقال في سجون الاحتلال، بينهن أمهات ونساء طاعنات في السن، وزوجات وحوامل ومريضات ومن ذوي الحاجات الخاصة، وفتيات قاصرات.
وخلال عام 2022، بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف النّساء 172 تركزت في القدس.