- تساءلت: لماذا يُغني الله بعض الناس ويُفقر بعضهم الآخر؟ مما جعلني أتردد في ضلال وحيرة، ثم أفقت إلى نفسي، فما حيلتي لأسترد الثقة واليقين، وطرد همزات الشيطان؟
– من الخطأ الاعتقاد أن الغنى المادي هو كل شيء، أو أعظم شيء في هذه الحياة، وأن العدل يقتضي أن يسوي الله بين الناس، في الفقر والغنى، كم من الأغنياء يعوزهم الذكاء، أو تعوزهم الحكمة، أو تعوزهم الصحة والعافية، أو تعوزهم الأسرة الهنيئة، أو يعوزهم الولد البار، والزوجة الصالحة.
كثير من أصحاب الملايين يشتهون أن يأكلوا كما يأكل فقير لا يملك دريهمات معدودة، قد حرَّم عليهم الأطباء أن يأكلوا الدهنيات أو السكريات، أو غير ذلك، وعندهم خزائن الذهب والفضة.
إن المال وسيلة الإنسان، الذي يملك منه الكثير، يزيد على غيره أنه حمل مسؤولية أكبر، وسيكون حسابه يوم القيامة أعظم؛ (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ {88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء)، “يوم لا تزول قدماه، حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟” (رواه الطبري بإسناد صحيح عن معاذ بن جبل)، ليس ملك المال إذن هو كل شيء، قد يملك الإنسان أشياء أخرى كثيرة غير المال، وهي أغلى منه وأثمن، والإنسان المتعجل السطحي ينسى النعم التي أنعم الله بها عليه، لو عد الإنسان ما يملك لأعياه ذلك وما استطاع أن يحصيه: نعمة البصر.. كم تقدرها؟ لو قيل لك: خذ كذا ألفاً أو مليوناً وتفقد بصرك.. هل ترضى؟! والسمع، والشم، والذوق، الأنامل، الأسنان، الأجهزة التي في داخل جسمك فضلاً عن الذكاء والنطق، والقدرة على التعبير والعمل والتصرف.. وغير ذلك، لو حسب الإنسان هذه الأشياء والنعم التي يمتلكها في جسمه وحده وأمكنه تقديرها وإحصاءها لبلغت مئات الملايين، والحقيقة أن تلك النعم لا تقدر ولا تحصى؛ (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (إبراهيم: 34).
العدد (2058)، ص57 – 13 شعبان 1434ه – 22/6/2013م