الدراما لها تأثير كبير على الثقافة والقيم في المجتمعات، حيث تعتبر واحدة من أهم وسائل التعبير الفني التي تنقل القصص والرؤى والقضايا الاجتماعية بشكل ملموس وقوي، ويمكن للدراما أن تكون عاملاً محفزاً لبناء القيم الإيجابية أو تشكيل القيم السلبية في المجتمعات، وذلك من خلال المواضيع التي تطرحها، والشخصيات التي تصوّرها، والرسائل التي تنقلها.
فمن خلال الدراما يمكن تعزيز الوعي الاجتماعي والقيم الأخلاقية والتواصل الاجتماعي وتحفيز التغيير الاجتماعي ويمكن من خلالها هدم القيم من خلال تشويه الصورة الاجتماعية وتعزيز السلوكيات السلبية وترويج القيم السلبية وإظهار الثقافة السائدة.
وتعتبر قصة مسلسل «زوجة واحدة لا تكفي» من بين القصص التي أثارت جدلاً واسعًا في الكويت، حيث تجسد هذه القصة تحولات وصراعات داخل الأسرة الكويتية يتناول المسلسل قضايا حساسة حول العلاقات الأسرية والقيم الاجتماعية.
ومن خلال تناوله للعديد من القضايا الاجتماعية الحساسة مثل العلاقات الزوجية، والخيانة، والصراعات الأسرية، يتجاوز المسلسل حدود القيم والتقاليد المحافظة في المجتمع الكويتي، بحيث يصطدم بالعديد من القيم والمعتقدات الثقافية المتمسك بها الكثيرون في المجتمع، مما يثير جدلاً حاداً حول مدى ملائمة عرضه وتأثيره على المجتمع.
ونتيجة للجدل الذي أثاره هذا المسلسل، طالب البعض بمنع عرضه، وتم تحويل صُنَّاعه إلى النيابة العامة بتهمة الإساءة إلى قيم وأخلاق المجتمع الكويتي.
يعكس هذا الجدل الشديد تأثير المسلسلات التلفزيونية في صورة المجتمع وقضاياه، ويظهر تباين الآراء والتفاعل القوي الذي ينشأ نتيجة للمشاهدة.
فقد قال الوكيل المساعد للصحافة والنشر والمطبوعات بالتكليف بوزارة الإعلام لافي السبيعي: إنه تم وقف كل من شارك في أي عمل فني يسيء للمجتمع الكويتي عن المشاركة في أي أعمال فنية يتم تصويرها داخل الكويت أو أعمال مسرحية تعرض في البلاد.
وشدد السبيعي على حرص وزارة الإعلام على تطبيق القوانين والنظم واللوائح بمسطرة واحدة على الجميع دون تمييز، لافتاً إلى أن دور الوزارة الحفاظ على قيم وتقاليد المجتمع الكويتي وإبراز صورته الحقيقية وتمسكه بالقيم والأخلاق التي جُبل عليها أهل الكويت منذ القدم، كما تعمل وزارة الإعلام بكل احترافية وجهد للحفاظ والارتقاء بالذائقة العامة.
وأشار السبيعي إلى أنه لن نسمح ممن يشارك في أعمال فنية خارج دولة الكويت فيها إساءة للمجتمع الكويتي أن يقوم بتقديم أعمال فنية داخل الكويت.
وأهاب السبيعي بصُناع الأعمال الفنية سواء داخل أو خارج الكويت الحرص في أعمالهم على عدم المساس بقيم وثوابت المجتمع الكويتي، وألا تتضمن أعمالهم أي شكل من أشكال الإساءة للكويت وأهلها، وأن يتمتعوا بالحس الوطني الذي يدفعهم لتقديم رسالة راقية تحمل قيمة فنية وترتقي بالقيم الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، بحسب «وكالة الأنباء الكويتية» (كونا).
فيما قال النائب محمد عوض الرقيب: ندعم خطوات وزير الإعلام في إيقاف ما يمس القيم والثوابت الدينية التي بني عليها المجتمع.
ومن جانبه قال النائب ماجد مساعد المطيري: ندعم التوجهات الحكومية في الحفاظ على سمعة المجتمع الكويتي من الطارئين في العمل الإعلامي والمسيئين لصورة مجتمعنا المحافظ، ونشيد بقرار وزير الإعلام وقف المشاركين بأعمال مسيئة للمجتمع الكويتي من المشاركة بأي عمل فني أو مسرحي داخل الكويت.
وقال النائب السابق أسامة عيسى الشاهين: نحيي وزير ووزارة الإعلام، على هذا التوجه والتوجيه التربوي والأخلاقي الحميد، وهو يتفق مع المواد (8)، (9)، (10)، (49) وغيرها، من دستور الدولة وقانونها.
فيما قال النائب مبارك الطشة: إجراء مستحق بعد الفوضى التي تسببت بتشويه صورة المجتمع الكويتي أمام العالم؛ لذلك نشيد بجهود الوزير في كل ما من شأنه الحفاظ على ثوابت وقيم المجتمع.
وقال النائب عيسى الكندري: إعلان مستحق ويبعث على الارتياح ويعكس شهامة وغيرة وكيل وزارة الإعلام المساعد للصحافة والنشر لافي السبيعي عن منع الوزارة لكل من شارك في أي عمل فني يسيء للمجتمع الكويتي من المشاركة في أي أعمال فنيه يتم تصويرها داخل الكويت أو أعمال مسرحية، فلم يتعود المجتمع الكويتي الذي جُبل على الأخلاق والفضيلة على مثل هذه الأعمال الفنية الهابطة والمستوى الذي يمارسه البعض في بث مثل هذه المواد التي تزعم أنها فنية، فشكراً للوكيل السبيعي ونحيي وزارة الإعلام على هذه الخطوة المستحقة ونتمنى المزيد من هذه القرارات ذات القيم والإصلاح.
فيما قال رئيس شركة الحكمة المنظمة للاستشارات الإستراتيجية عبدالله عيد العتيبي، في حسابه عبر منصة «إكس»: في عصر تتداخل فيه حرية الإعلام مع المسؤولية الاجتماعية، تبرز الحاجة إلى توجيه الأعمال الدرامية بما يتماشى مع قيم المجتمع وهويته، فلا يخفى على أحد أن الإعلام له تأثير كبير على تشكيل الصورة الذهنية للمجتمعات وعنها، وعندما يتم تصوير المجتمع الكويتي على أنه مجتمع منحل، يجمع كل الرذائل في مسلسل يبث في ذروة أوقات المشاهدة ويوجه للأسر في العالم كله والعربي خصوصاً، فإن ذلك يثير القلق والاستياء، بل الرفض.
وتابع العتيبي: مؤخرًا، أثار أحد المسلسلات وهو «زوجة واحدة لا تكفي» جدلاً واسعاً بسبب تناوله لمواضيع تتعارض مع القيم الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع الكويتي؛ مما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد القائمين عليه، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تعكس الدور المهم الذي تمارسه وزارة الإعلام في حماية الهوية الكويتية وضمان احترام القيم الثقافية والأخلاقية.
وأضاف العتيبي: يجدر التأكيد أنه من الضروري تبني معايير واضحة للمحتوى الإعلامي تحافظ على الهوية الثقافية وتحترم الحدود الأخلاقية، مع الأخذ في الاعتبار حرية التعبير والإبداع، كما يجب على الأعمال الدرامية أن تعكس التنوع والثراء الثقافي للمجتمع، بدلاً من تصويره بشكل سلبي أو مغلوط.
واختتم العتيبي قائلاً: المسؤولية تقع على عاتق جميع الأطراف المعنية، من صناع المحتوى إلى الجهات الرقابية، لضمان تقديم إعلام يعزز القيم الإيجابية ويسهم في بناء مجتمع متماسك ومتنوع، مبيناً أن وزارة الإعلام قامت بدورها مشكورة، فهي في نهاية المطاف طرف حكومي يعبر عن إرادة عامة من خلال الدستور وتحمي صورة المجتمع.
وقال أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية التربية الأساسية فهد العازب: وزارة الإعلام مشكورة تقوم بأقل ما يقال عنه «رد فعل» عن طريق وقف كل من شارك في عمل سيئ ومخالف لتعاليم ديننا الحنيف ومجتمعنا الكويتي المحافظ، الهوان في مثل هذه الأعمال مستقبلاً هو طريق النهاية لمجتمع مثل مجتمعنا المحافظ، لذلك يجب إقرار قوانين تردع مثل هذا الانحلال.
وقال المغرد نواف الظفيري، في حسابه عبر منصة «إكس»: عن إحالة مؤلفة وأبطال مسلسل «زوجة واحدة لا تكفي» للنيابة العامة للإساءة إلى سمعة الكويت في شكوى وزارة الإعلام، شكراً من جميع شرفاء الكويت، مؤكداً بأنه يجب محاربة الدخلاء على قيم المجتمع الكويتي الأصيل ونبذهم بما يسمى العفن الفني.
وقال المغرد عبدالله الفيلكاوي: تُشكر وزارة الإعلام على اتخاذ إجراء رادع يجبر الممثل والكاتب أن يراعي القيم الثقافية في الكويت إن كان يريد البقاء في سوقها، ولكن بدورنا الثقافي نطمح للأفضل وأن تتجاوز مؤسسات الدولة مرحلة اتخاذ الخطوات الانفعالية الشعبية إلى مرحلة العمل المؤسسي الريادي، وهذا جزء من حوار قديم قدمته السنة الماضية في محاضرة بعنوان «الثقافة في الكويت»، خلاصتها: إن سياسة المنع لا تضر إلا المانع نفسه؛ لأنه يدمر سوقه بكثرة القيود وعدم وضوح الخطوط الحمراء، التي تنفر صنّاع المحتوى من هذه السوق خوفًا من الخسارة، والذي يستطيع أن يصل الى شريحته من أسواق أخرى، فنحن في فضاء مفتوح الآن لا يجدي فيه المنع شيئًا.
وأوضح أن العمل الفني قوة ناعمة صنعت في الكويت ويستفيد منها طرف آخر، ومتى ما استخدمت ضد الكويت كانت هذه مصيبة تتسبب فيها المؤسسات في حق الدولة.